قال تعالى:{فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ}[الفجر:١٢] أي: بالمعاصي وقتل الضعفاء، والفساد هنا هو: الفساد المعنوي، والفساد المعنوي يتبعه الفساد الحسي لقول الله تبارك وتعالى:{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}[الأعراف:٩٦] ولهذا قال بعض العلماء في قوله تعالى: {وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا}[الأعراف:٥٦] قالوا: لا تفسدوها بالمعاصي، وعلى هذا فيكون قوله:{فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ}[الفجر:١٢] أي: الفساد المعنوي لكن الفساد المعنوي يتبعه الفساد الحسي.
وكان فيما سبق من الأمم أن الله تعالى يدمر هؤلاء المكذبين عن آخرهم، لكن هذه الأمة رفع الله عنها هذا النوع من العقوبة، وجعل عقوبتها أن يكون بأسهم بينهم حيث يدمر بعضهم بعضاً، وعلى هذا فما حصل من المسلمين من اقتتال ومن تدمير بعضهم بعضاً إنما هو بسبب المعاصي والذنوب، يسلط الله بعضهم على بعض، ويكون هذا عقوبة من الله سبحانه وتعالى.