قال تعالى:{إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا}[الشمس:١٢] هذا بيان للطغيان الذي ذكره الله عز وجل وذلك حين انبعث أشقاها، (انبعث) أي: انطلق بسرعة و (أشقاها) أي: أشقى ثمود، أي: أعلاهم في الشقاء والعياذ بالله، يريد أن يقضي على هذه الناقة، فقال لهم صالح:{نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا}[الشمس:١٣] قال لهم ناقة: أي ذروا ناقة الله، لقوله تعالى في آية أخرى:{فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ}[الأعراف:٧٣] يعني: اتركوا الناقة لا تقتلوها، لا تتعرضوا لها بسوء ولكن النتيجة بالعكس:{فَكَذَّبُوهُ}[الشمس:١٤] أي: كذبوا صالحاً، وقالوا: إنك لست برسول، وهكذا كل الرسل الذين أرسلوا إلى أقوامهم يصمهم أقوامهم بالعيب كما قال الله تعالى:{كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ}[الذاريات:٥٢] كل الرسل قيل لهم هذا: ساحر أو مجنون، كما قيل للرسول عليه الصلاة والسلام: إنه ساحر كذاب، مجنون، شاعر، كاهن، ولكن هل ألقاب السوء التي يلقبها الأعداء لأولياء الله هل تضرهم؟
لا تضرهم، بل يزدادون بذلك رفعة عند الله سبحانه وتعالى، وإذا احتسبوا الأجر أثيبوا على ذلك، فيقول عز وجل:{فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا}[الشمس:١٤] أي: عقروا الناقة عقراً حصل به الهلاك.