مسألة العزاء يتوسع الناس فيها، تجد إذا مات عند الناس ميت يُصنع الطعام ويؤتى بالذبائح، وإذا قلنا في ذلك يقولون: أناس يزورون أفلا نغديهم؟! وكذلك إذا كلمناهم في الجلوس للعزاء، قالوا: أين نستقبل الناس؟
لنا رسالة صغيرة في أحكام التعزية وما يتعلق بها لو أخذت منها شيئاً يكون نافعاً، التعزية ليست تهنئة كما يهنأ الإنسان القادم، التعزية يراد بها أننا إذا رأينا شخصاً مصاباً متأثراً نكلمه بما يهون عليه المصيبة هذا هو المقصود منها، فنقول له -مثلاً- كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لإحدى بناته:(اصبري واحتسبي فإن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى) ولا حاجة إلى الاجتماع في البيت، فإن الاجتماع في البيت خلاف ما كان عليه السلف الصالح، حتى قالوا: كنا نعد الاجتماع عند أهل الميت، وصنعة الطعام من النياحة، والنياحة من كبائر الذنوب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن النائحة والمستمعة.
ولكن إذا سمعنا أن شخصاً من الناس تأثر بموت قريبه، أو صديقه، أو ما أشبه ذلك؛ فإننا نحرص على أن نصل إليه ونقول: اصبر واحتسب، أما مجرد أن يموت القريب نجتمع ويجتمع الناس، وربما توقد الأنوار، ونأتي بالقراء فهذا لا يجوز، كان الناس إلى عهد قريب لا يفعلون هذا إطلاقاً، يموت الميت للإنسان، فإذا فرغوا من دفنه ورأوا أخاه أو أباه متأثراً عزوه ورجعوا إلى أهلهم، ثم من وجده في السوق أو في المسجد عزاه، وأما الاجتماع فلا شك أنه بدعة، وأنه ينهى عنه لا سيما إن صحبه ندب، كأن تجتمع النساء تقول: والله هذا كان كذا وكذا هذا أبو العائلة هذا صاحب البيت من للعائلة من للبيت، وما أشبه ذلك فإنه يكون من الندب المحرم، وعلى طلبة العلم أن يبصروا الناس قبل أن يتسع الخرق على الراتق.