[تفسير قوله تعالى:(والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج)]
{وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ}[ق:٧] هذه ثلاثة أمور: أولاً: الأرض مدها الله عز وجل: مع أنها بالنسبة للسماء صغيرة جداً؛ لكنها ممدودة للخلق مسطحة لهم، كما قال تعالى:{وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ}[الغاشية:٢٠] .
ثانياً: ألقينا فيها رواسي: أي: جبالاً ثابتات لا تزعزعها الرياح فهي راسية وكذلك أيضاً مُرسية للأرض.
{وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} أي: من كل زوج سارٍّ لناظره، والمراد بالزوج هو الصنف، أي: أن ما ينبت في الأرض أصناف متعددة متنوعة حتى أنك ترى البقعة من الأرض وهي صغيرة تشتمل على أنواع من هذه الأصناف تختلف في ألوانها وتختلف في أحجامها، وتختلف في ملمسها ما بين شديدة وليِّنة إلى غير ذلك من الاختلافات العظيمة، بل إنها تختلف حتى في مذاقها إذا كانت من ذوات الثمر، كما قال تعالى:{وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ}[الرعد:٤] فمَن القادر على هذا؟! إنه الله تعالى القادر على أن يخلق هذه الأشياء التي فيها من كل زوج بهيج مع أنها في مكان واحد، وتُسقى بماء واحد، والأرض أيضاً واحدة.
مَن يقدر على هذا؟! إنك تأتي الأرض المعشبة التي أنبت الله تعالى فيها من أصناف النبات فتتعجب، ترى هذه -مثلاً- زهرتها صفراء، وهذه بيضاء، وهذه بنفسجية، وهذه منفتحة، وهذه منظمة، إلى غير ذلك من الآيات العظيمة، فهذا أكبر دليل على أن الله قادر على إحياء الموتى الذي أنكره هؤلاء المكذبون لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا:{أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ}[ق:٣] .
فالقادر على خلق هذه المخلوقات العظيمة قادر على إحياء الموتى، ثم يقال: مَن الذي خلق الإنسان؟ هو الله، وإعادة الخلق أهون من ابتدائه كما قال تعالى:{وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ}[الروم:٢٧] فإذا كنتم -أيها المشركون- تقرون بأن الله هو الخالق وأنه هو الذي خلقكم وأوجدكم فلماذا تنكرون أن يعيدكم الله، مع أن أمره {إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[يس:٨٢] ؟!