للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المراد من الجمع بين الصلاتين من غير خوف ولا مطر]

فضيلة الشيخ! متى كان قول ابن عباس رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع من غير خوف ولا سفر) ؟ وهل نعمل بهذا الحديث أم لا؟

كان هذا في المدينة، والحديث روي على ما ذكرت: (من غير خوف ولا سفر) ورُوِي: (من غير خوف ولا مطر) وهذا أَسَدُّ من اللفظ الأول؛ لأن قوله: (في المدينة) يغني عن قوله: (من غير سفر) ؛ لكن ابن عباس رضي الله عنهما سُئل: [ما أراد بذلك -يعني: لماذا الرسول جمع؟ - قال: أراد أن لا يُحَرِّج أمته] فدل هذا على أن الجمع إنما يجوز إذا كان في تركه حرج ومشقة، وأما إذا لم يكن هناك حرج ومشقة فلا يجوز الجمع؛ لأن الله قال في القرآن الكريم: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} [النساء:١٠٣] ، والنبي صلى الله عليه وسلم وقَّت الصلوات الخمس، وجعل لكل صلاة وقتاً محدداً بأوله وآخره؛ لكن إذا كان الإنسان يلحقه حرج، كمريض يلحقه الحرج، أو من به سلس البول، أو المستحاضة، أو الإنسان الذي أصابه نومٌ شديد جداً لا يستطيع مدافعته، ويريد أن يجمع العشاء مثلاً إلى المغرب لأجل أن ينام، أو غير ذلك من الأمور التي ذكرها الفقهاء رحمهم الله، فإنه لا بأس بذلك.

المهم أن يكون هناك حرج ومشقة، ومن ذلك الجمع لإدراك الجماعة، فلو فُرِض أن جماعة يعرفون أنهم إذا وصلوا البلد تفرقوا ولم يصلوا جماعة، وأرادوا أن يجمعوا قبل التفرق فلا بأس، والدليل على هذا: أن الجمع في المطر في البلد المقصود اجتماع الجماعة وإلا لكان كل إنسان يذهب إلى أهله، وإذا دخل وقت العشاء صلى في بيته؛ لأنه معذور بواسطة المطر، فالمقصود ألا يحرِّج الأمة، لا أن يبقي الباب مفتوحاً من شاء جمع ومن شاء لم يجمع، فالجمع مربوط بالمشقة والحرج.