فضيلة الشيخ: عندما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن الله زوارات القبور) هل قصده بذلك: الزوارات كثيرة الزيارة، أم أنه يجوز الزيارة على فترات متباعدة؟
الحديث روي على وجهين: الوجه الأول: (لعن الله زائرات القبور) .
والوجه الثاني:(لعن الله زوارات القبور) وكلاهما له معنىً صحيح.
أما زائرات القبور فهو باعتبار كل امرأة على حده، وزوارات يعني: الجنس، ومعلوم أن الجنس إذا رجعنا إلى أفعالهن صار كثيراً.
والصواب الذي لا شك فيه: أن زائرة القبور ملعونة بهذا الحديث؛ لأن الحديث صحيح، احتج به كثيرٌ من العلماء، وتكلم عليه شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى بكلامٍ جيد ينبغي لطالب العلم مراجعته، وما جاء في حديث عائشة:(أن الرسول عليه الصلاة والسلام علمها ما تقول.
) فالمراد إذا خرجت المرأة لغير قصد الزيارة، ولكن إذا مرت بالمقبرة وقفت ودعت لهم بالدعاء المأثور، فهذه لا تعد زائرة؛ لأن الزائر هو الذي يمشي من بيته أو من مقره إلى المزور.
ويبقى النظر في زيارة النساء قبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هل يدخل في هذا أو لا؟ من العلماء من قال: إنه يدخل؛ لأن ذلك يسمى زيارةً عرفاً.
ومنهم من قال: لا يدخل؛ لأن الواقف خارج الحجرة بينه وبين القبر بناء، ثلاثة جدران، فلا يمكن أن يقال: إنه زاره، ولهذا لو نظرت بالمقبرة المحوطة بالجدار، فإنه لا يقال: إنك زرت المقبرة؛ لأن بينك وبينها جدار.
فلا يسمى وقوف المرأة عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم زيارة قبر، ولهذا قال الفقهاء رحمهم الله: تسن زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم حتى للنساء، لكن الاحتياط ألا تزور المرأة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ويكفيها أن تسلم عليه ولو كانت في أقصى الدنيا؛ لأن سلام الإنسان على الرسول صلى الله عليه وسلم يبلغه حيثما كان.