أيها الإخوة: تعرفون ما لله سبحانه وتعالى من الحكم البالغة في تعاقب الليل والنهار، والشهور والأعوام، ومن ذلك ما أشار إليه في قوله:{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً}[الفرقان:٦٢] أي: يخلف بعضه بعضاً {لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً}[الفرقان:٦٢] ، فإن الإنسان يتذكر كلما تجدد يومٌ وليلة، يتذكر ويعمل العمل الصالح، ويجدد له ذلك نشاطاً يجده في نفسه، وراحةً يجدها في قلبه، بتجدد الزمان عليه، وتعاقب الليل والنهار، وكذلك بالنسبة للسنوات والشهور، وإذا كان تجار الدنيا يحصون ما حصل لهم في العام عند نهايته، فإن الذي ينبغي لتاجر الآخرة -وتجارة الآخرة أعظم وخير وأبقى- أن يحاسب نفسه على ما مضى من عامه، ويجدد النشاط لما يستقبل من عامه الجديد، أقول هذا وأنا أعتبر نفسي أشد الناس تقصيراً، ولكني أستغفر الله وأتوب إليه.