فضيلة الشيخ! كيف يُعرَف أمرٌ صَدَرَ من شخص أنه موالاة للكفار؟ وإذا عُرِف ذلك فهل يُجزم عليه بحكم ما، أم يُوقَف ويُستفصل عن الدافع له على ذلك التصرف؟ جزاك الله خيراًَ!
الموالاة في الواقع هي: المناصرة والمعاضدة، بحيث تناصر الكافرين وتعاضدهم على المسلمين، فإن عاضدتهم وناصرتهم على كفار أشد منهم فهذا خير؛ لأن هؤلاء الأعداء الذين يريدون المسلمين أشر من هؤلاء، فهذا يعني: أنك دفعتَ أعلى المفسدتين بأدناهما، إذا لم تخف خيانة من الذين ناصرتَهم على العدو.
وأما إذا ناصرتهم على مسلمين فهذا خطر عظيم، وهذا هو الذي يُخشى أن يدخل في قوله تعالى:{وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[المائدة:٥١] .
وأما معاملتهم في البيع والشراء، وأن يدخلوا في عهدنا فهذا جائز، فقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام يبيع ويشتري من اليهود، فقد اشترى طعاماً لأهله، ومات ودرعه مرهونة عندهم، وكان يقبل هديتهم، وكانت خزاعة دخلت في عهده حين عاهد قريشاً في صلح الحديبية وهم كفار؛ لكنهم كانوا أهل نصح للمسلمين.
وهذه المسألة من أدق المسائل وأخطرها، ولا سيما عند الشباب؛ لأن بعض الشباب يظن أن أي شيء يكون فيه اتصال مع الكفار فهو موالاة، والأمرُ ليس كذلك، فالموالاة لها معانٍ كثيرة؛ ولكن الشيء الذي يكون خطراً وربما يُخْرِج من الإسلام هو مناصرتهم ومعاضدتهم على المسلمين.