بالنسبة للحديث الذي ورد في الرجل الذي يمنُّ الله عليه ويخلصه وكان له تسعة وتسعون سجلاً من الذنوب والمعاصي وضعت في كفة، ثم جيء بالبطاقة التي فيها شهادة أن لا إله إلا الله فرجحت البطاقة وطاشت السجلات، فما توجيهكم للحديث مع بقية الأحاديث التي هي معلومة؟ ولابد من تعذيب العصاة في جهنم مع أنهم جميعاً يقولون: لا إله إلا الله -وأيضاً- هل يصلح إيراد هذا الحديث وبقية أحاديث الرجاء على العوام، أو لابد من البيان؟
أما الأول: فيجب أن نعلم أن من كان مؤمناً ولو كان إيمانه ضعيفاً، فإننا لا نجزم له بدخول النار؛ لقول الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[النساء:٤٨] فهذا الرجل الذي معه كلمة التوحيد وهي شهادة أن لا إله إلا الله، كان هذا الإخلاص التام مانعاً له من الخلود في النار، ومجوزاً أن يغفر الله له كما في الآية:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[النساء:٤٨] وهذه الآية -كما تعلمون- ذكرت مرتين في سورة النساء.
وأما أحاديث الرجاء كهذا الحديث وغيره فهل يحسن أن تتلى على العوام؟ الجواب: يحسن أن تتلى على العوام مع أحد أمرين: إما أن يُشرح للعوام معناها، وإما أن يذكر معها أحاديث الوعيد حتى لا يغلب عليهم الرجاء فيقعوا في الأمن من مكر الله، ولا الخوف فيقعوا في القنوط من رحمة الله، ولهذا قال عبد الله بن مسعود كلمة جيدة قال:[إنك لن تحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة] فالواجب على الإنسان إذا ذكر مثل هذه الأحاديث أن يشرح معناها حتى لا يتلبس على العوام.