في السيرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما عرج به إلى السماء اطلع على أهل الجنة فرأى أكثر أهلها الفقراء والمساكين، ثم اطلع على أهل النار فرأى أكثر أهلها النساء، ثم أيضاً جاء في سيرة التابعين: أن سفيان الثوري رحمه الله رؤي في المنام فقيل له: ما صنع الله بك؟ فقال: وضعت قدمي على الصراط والأخرى في الجنة.
فهل الصراط يجتاز الآن؟ وهل الجنة فيها سكانها والنار فيها سكانها أيضاً؟ فما هو تفصيل ذلك؟!
أقول -بارك الله فيكم جميعاً- الأمور الغيبية لا ينبغي أن نبحث فيها عن كيفيتها وأن نتعمق؛ لأن هذا من التنطع، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:(هلك المتنطعون! هلك المتنطعون! هلك المتنطعون!) ، وقال الإمام مالك لمن سأله: كيف استوى الله على العرش؟ قال له:(الاستواء معلوم، والكيف مجهول) هذه الأمور يجب أن نؤمن بها وألا نبحث عنها، ولهذا ألقى النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث على أصحابه ولم ينبس واحد منهم بكلمة يقول: كيف ذلك يا رسول الله؟ حتى أنه أخبر أنه سمع خشخشة نعال بلال، ومع ذلك ما قالوا: كيف يا رسول الله؟ بلال في الدنيا ما ذهب إلى الآخرة ولا جاء؟ لكنهم آمنوا وصدقوا.
فنصيحتي لكم جميعاً: أن مثل هذه الأمور تؤمنون بها على ظاهرها وتقولون: هي حق، وأما كيف ذلك؟ وهل أهل الجنة الآن موجودون فيها، وأهل النار موجودون فيها؟ فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الجنة من رأى، ورأى من أهل النار من رأى، رأى عمرو بن لحي يجر قصبه، أي: أمعاءه في النار، ورأى امرأة تعذب في هرة حبستها، ورأى فيها صاحب المحجن الذي يسرق الحجاج بمحجنه، فالحاصل أني أنصح لكم: ألا تتعرضوا لمثل هذه الأسئلة.
أما موقفي أنا فيها فهو موقف الصحابة رضي الله عنهم، أن أقول: آمنت بالله وبرسول الله، وبما جاء عن الله ورسوله، ولا أتجاوز ذلك، وأقول: إن الرسول عليه الصلاة والسلام في المعراج أخبرنا عما رأى وهو حق.
وأقول: إنا إذا لزمنا هذه الطريق استرحنا، وأي واحد يسألنا نبين له أن هذا لا طريق للعلم به، وأن موقفنا منه هو التفويض، أي: تفويض الكيفية إلى الله عز وجل، أما المعنى فنحن نعرف المعنى.