[تفسير قوله تعالى:(ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين)]
قال تعالى:{فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ}[الذاريات:٥٠] هذا كأنه على لسان النبي صلى الله عليه وسلم، أي: قل لهم: فروا إلى الله ((إني لكم منه)) أي: من الله ((نذير مبين)) والفرار إلى الله يكون بالقيام بطاعته واجتناب نواهيه، لأنه لا ينقذك من عذاب الله إلا أن تقوم بطاعة الله، فكأن الإنسان إذا قام بطاعة الله عز وجل كأنه فر من عدو، أرأيت لو أن سيلاً عرماً يهدر أقبل عليك أكنت تقف أمامه؟ لا تقف أمامه، بل تهرب منه وتفر منه، كذلك لو أن حريقاً ملتهباً أقبل إليك فإنك لن تقف بل تفر، كذلك نار جهنم أشد وأعظم وأولى بالفرار منها ولهذا قال:(ففروا إلى الله) أي: من عذاب الله (إني لكم منه نذير) أي: منذر (مبين) أي: مظهر لما أنذروا به ومبين له.
فهو عليه الصلاة والسلام نذير من الله تعالى لعباده ينذر من خالف أمره بالعذاب، ومع هذا هو صلى الله عليه وسلم بشير، يبشر من آمن وأطاع بالجنة والسعادة في الدنيا والآخرة كما قال الله تعالى:{مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[النحل:٩٧] لكن الله تبارك وتعالى يذكر الإنذار فقط في مقام التهديد والوعيد، وهذه السورة كما ترون كلها فيها ذكر للأمم السابقين وما حل بهم من العقوبة بمخالفتهم أمر الله تبارك وتعالى.