ثم قال جل وعلا:{هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى}[النجم:٥٦] هذا المشار إليه الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، (نذير) بمعنى: منذر، والمنذر: هو الذي يعلم بالشيء على وجه التخويف؛ لأن الإنذار هو إعلام بتخويف، والبشارة هو إعلام بالرجاء، {هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى} ولم يقل: بشيراً؛ لأن المقام لا يقتضي إلا ذكر الإنذار، إذ أن الله تحدث من أول السورة إلى آخرها عن قريش وتكذيبها للرسول صلى الله عليه وسلم، وعبادتها الأصنام فيقول: محمد صلى الله عليه وسلم نذير من النذر الأولى، أي: من الرسل السابقين، يعني: فكما أن الذين كذبوا الرسل حل بهم العقاب والنكال، فأنتم أيها المكذبون لرسول الله صلى الله عليه وسلم! يوشك أن يحل بكم النكال والعقوبة؛ لأن محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم مثل غيره نذيرٌ من النذر، فإذا كان نذيراً من النذر فإن من كذبه سيقع به مثلما وقع بالأمم السابقة.