قال تعالى:{نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ}[العلق:١٦](ناصية) بدل من الناصية الأولى، وهي بدل نكرة من معرفة وهي جائزة في اللغة العربية، وإنما قال:(ناصية) من أجل أن يكون ذلك توطئة للوصف الآتي بعدها، وهو قوله:{كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ}[العلق:١٦](كاذبة) أي: أنها موصوفة بالكذب، ولا شك أن من أكبر ما يكون كذباً ما يحصل من الكفار الذين يدعون أن مع الله آلهة أخرى، فإن هذا أكذب القول وأقبح الفعل:(خاطئة) أي: مرتكبة للخطأ عمداً، وليعلم أن هناك فرقاً بين خاطئ ومخطئ (الخاطئ) من ارتكب الخطأ عمداً، و (المخطئ) من ارتكبه جهلاً، والثاني معذور والأول غير معذور، قال الله تبارك وتعالى:{لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ}[الحاقة:٣٧] أي: المذنبون ذنباً عن عمد، وقال تعالى:{رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}[البقرة:٢٨٦] فقال الله: قد فعلت.
ومثل ذلك: القاسط والمقسط، القاسط: هو الجائر، والمقسط: هو العادل.
قال الله تعالى:{وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}[الحجرات:٩] وقال تعالى: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً}[الجن:١٥] .