للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفسير قوله تعالى: (ذلك اليوم الحق فمن شاء اتخذ إلى ربه مآباً)

قال تعالى: {ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ} [النبأ:٣٩] أي: اليوم الذي أخبرناكم عنه هو اليوم الحق، والحق ضد الباطل، أي: الثابت الذي يقوم فيه الحق ويقوم فيه العدل، {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء:٨٨-٨٩] أعانني الله وإياكم على ذلك اليوم.

{فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا} أي: من شاء عمل عملاً يئوب به إلى الله، ويرجع به إليه، وذلك العمل الصالح الموافق لمرضاة الله تعالى.

وقوله: {فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا} قيدتها آية أخرى وهي قوله تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير:٢٨-٢٩] أي: أن لنا الخيار فيما نذهب إليه، لا أحد يكرهنا على شيء، لكن مع ذلك خيارنا وإرادتنا ومشيئتنا راجعة إلى الله، {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير:٢٩] ، وإنما بين الله تعالى ذلك في كتابه من أجل ألا يعتمد الإنسان على نفسه وعلى مشيئته، بل يعلم أنها مرتبطة بمشيئة الله حتى يلجأ إلى الله في سؤال الهداية لما يحب ويرضى، ولا يقول الإنسان: أنا حر أريد ما شئت وأتصرف كما شئت، نقول: الأمر كذلك لكنك مربوط بإرادة الله عز وجل.