الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد: فإننا نقتصر في هذا اللقاء على التذكير بنعمة الله تبارك وتعالى على عباده الحجاج والعُمَّار في هذه السنة، حيث كانت الأجواء مناسبة جداً، وكان الناس معهم بعض التنظيم في الطواف والسعي والجمرات فحصل -والحمد لله- خيرٌ كثير، نسأل الله تعالى أن يتقبل من الجميع، ونذكركم أيضاً بأن هذا اللقاء هو آخر لقاءٍ في هذا العام، وما أسرع الأيام وما أسرع الساعات تمضي سريعاً وتنتهي جميعاً، وهذا يوجب للعبد أن يتذكر أن كل آتٍ قريب، فبينما كنا نقول: ما أبعد انتهاء العام وإذا به ينقضي بسرعة وهكذا العمر أيضاً، الإنسان يترقب الآن الموت ويظن أنه بعيد ولكن لا يدري فلعله يكون قريباً، قال الله تبارك وتعالى:{يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً}[الأحزاب:٦٣] .
أيها الإخوة: إنه يجب على الإنسان أن يحاسب نفسه: ماذا أودع في العام الذي لم يبق فيه إلا يومان؟ وبماذا يستقبل الأعوام التي تأتي بعده حتى يكون على استعدادٍ تامٍ لاستدراك ما فاته في العام الماضي ولطلب المغفرة والعفو عما اجترحه من السيئات؟ وسيعرض الكتاب يوم القيامة على العبد يلقاه منشوراً، ويقال له:{اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً}[الإسراء:١٤] حاسب نفسك قبل أن تحاسب، واستعن بالله تبارك وتعالى على القيام بطاعته واجتناب نواهيه.