عندي مكتب لخدمات البيع بالتقسيط يدفع له مستودع، فالتاجر يشتري البضاعة فيعرضها للبيع بالتقسيط فقط، والمكتب يبيعها له، ويأخذ مقابلاً لذلك العقد وتخليص الأقساط، والمشتري يأخذ البضاعة ويبيعها في مكان آخر، ما حكم هذه العملية؟
الآن فهمنا أن عندنا تاجر اشترى سيارات وأودعها عنده، ويبيع بالتقسيط وله دلال يبيع له ويخلص الثمن من المشترين، إلى هنا جائز وما فيها إشكال، بقينا في هذا الذي اشترى أنت تقول: إنه باعها من أجل أن يأخذ الدراهم.
هذا الرجل الذي اشترى السلعة من أجل ثمنها يسميه العلماء التورق، منهم من أجازه ومنهم من منعه.
الذين منعوه قالوا: إن هذه حيلة لأنه ما اشترى السيارة مثلاً يريد السيارة لكن يريد الدراهم، والآخرون يقولون: هذا ما علينا منه اشترى السيارة وغرضه آخر ما علينا منه، سواء أراد أن يبيعها أو أن يكدسها لنفسه، يشتغل بها بالأجرة، أو يذهب بها إلى بلد آخر تكون أرفع قيمة، ما علينا منه، فالمسألة فيها خلاف، فمن أراد التورع فليترك ذلك، ومن أراد التوسع فيتبع العلماء الآخرين.
لكن المحظور الممنوع الذي هو شبيه بعمل اليهود، هؤلاء القوم الذين يأتون إليهم من يريد السيارة ويقول: اذهب إلى المعرض واختر السيارة التي تريد، وأنا أشتريها من المعرض وأنقد له الثمن وأبيعها عليك بالتقسيط بأكثر، هذه لا شك أنها حرام، ولا يغرنك فتوى من قال: إنها حلال، لأن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، أي فرق بين أن يعطيك التاجر دراهم يقول: خذ هذه قيمة السيارة اشتريها ولكن هذه الدراهم مؤجلة عليك بأكثر، هذه حرام وما فيها إشكال، فرق بينها وبين الصورة الأولى إلا أن الصورة حيلة وهذه صريحة، والحيلة أشد إثماً من الصريحة، لأنه كما قال أيوب السختياني رحمه الله: يخادعون الله كما يخادعون الصبيان ولو أنهم أتوا الأمر على وجهه لكان أهون.