[نصيحة للإمام الذي يرى من نفسه التقصير وأنه لا يصلح للإمامة]
هذا شاب إمام لأحد المساجد وهو كما يقول: محبوب عند جماعة من رواد المسجد، ويعلم في قرارة نفسه أنه مقصر وعنده بعض المعاصي ولا يستحق الإمامة، ولا يستحق هذه المحبة والتقدير من الناس، ويخشى على نفسه إذا هو بقي في المسجد إماماً يخشى على نفسه من النفاق والرياء، فهل يبقى في المسجد -أي: يستمر في إمامة الناس-، أو يترك الإمامة خشية الرياء والنفاق؟
أقول: إن هذا الشاب الذي وصفته بأنه محبوب عند قومه ولكن عليه إسراف فيما بينه وبين ربه أقول: إن هذا الذي حباه الله به من الإمامة ومحبة قومه له توجب أن ينزع عن الإسراف على نفسه، وأن يحسن العبادة، وأن يشكر الله عز وجل؛ لأن كون الإنسان يكون محبوباً عند قومه وهو إمام لهم نعمة من الله كبيرة، قال تعالى:{وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً}[الفرقان:٦٣] إلى أن قال: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً}[الفرقان:٧٤] فليحمد الله على هذه النعمة، ولينزع من الإسراف على نفسه، وليجعل هذا من الأسباب التي تعينه على طاعة الله، وليبق في مكانه.
وكونه يقول: أخشى من الرياء، فهذه وسوسة يلقيها الشيطان في قلب الإنسان كلما أراد أن يعمل طاعة، يدخل عليه الشيطان ويقول: أنت مراء، فيجب عليه أن يطرح هذا ويعرض عنه ويستعين بالله عز وجل، فهو دائماً يردد في الصلاة:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[الفاتحة:٥] .