[حكم التصوير واقتناء الصور]
مسألة التصوير يا فضيلة الشيخ! يخطئ كثير من الناس في فهم ما تريده؟
التصوير باليد على شكل التمثال لا شك في تحريمه إذا كان التصوير لذوات الأرواح، كما لو صنع من الجبس أو غيره صورة أسد أو صورة فرس أو ما أشبه ذلك، فهذا حرام وفاعله داخل في لعنة الرسول صلى الله عليه وسلم، في قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي جحيفة أنه: (لَعَنَ المصورين، وقال: المصورون أشد الناس عذاباً يوم القيامة) والتحريم في هذه الصورة التمثالية محقق؛ لأنها جسم ذو أعضاء ورأس، فهو مضاهٍ لخلق الله تماماً.
واختلف العلماء رحمهم الله في الصورة الملونة التي ليس لها جسم، هل تدخل في الحديث، أو لا تدخل؟ فمنهم من قال: إنها داخلة.
ومنهم من قال: إنها غير داخلة.
والصحيح: أنها داخلة في لعن المصورين؛ لأن مسلماً روى من حديث أبي الهياج عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال له: (ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! ألا تَدَعَ صورة إلا طمستَها، ولا قبراً مشرفاً إلا سوَّيْتَه.
وفي لفظ: ألا تدع تمثالاً إلا طمستَه) .
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم (لما رأى النمرقة التي فيها صور عُرفت الكراهية في وجهه، ولم يدخل البيت، وقال: إن أهل هذه الصور يعذبون، يقال: أحيوا ما خلقتم) .
فهاهنا شيئان: الشيء الأول: الصورة على تمثال مجسم، هذه حرام لا شك فيها.
الشيء الثاني: الصورة بالتلوين باليد، فهذه مختلف فيها، والصحيح: أنها حرام وداخلة في اللعن.
وأما التصوير بالآلات الحديثة؛ الكاميرات، فهذه نوعان: ١- نوع يحتاج إلى تحميض وتعديل باليد، فهذا للتحريم أقرب؛ لأن الإنسان له فيها عمل بيده.
٢- نوع فوري لا يحتاج الإنسان فيه إلى عمل، فهذا لا يدخل في التصوير المحرم؛ لأن الرجل لم يصوِّر حقيقة، والتصوير تفعيل مِن صَوَّرَ الشيءَ أي: جَعَلَه على صورة معينة، ومُلْتَقِط الصورةَ بالكاميرا لم يعمل شيئاً، غاية ما هناك أنه سلط أضواء معينة على جسم فانطبع هذا الجسم، ولهذا يحدث هذا التصوير من الرجل الأعمى ومن الإنسان المبصر، وهو في ظلمة، وليس له فيه أي عمل.
لكن يخفى على بعض الناس الفرق بين التصوير وبين اقتناء الصور، فيظن أنهما متلازمان، وهما ليسا كذلك.
ولهذا فرق الفقهاء بينهما، فقالوا: يحرم التصوير واستعمال ما فيه صورة، فجعلوا التصوير شيئاً، وجعلوا استعمال ما فيه صورة شيئاً آخر.
فنقول: اقتناء الصور لا يجوز إلا للضرورة، أو إذا كانت الصورة لا يؤبه بها كما يوجد في الكراتين وفي علب بعض المشروبات، فهذا لا يؤبه به، وليس مقصوداً؛ ولكن الشيء المقصود هو الذي يُحْفَظ، فهذا لا يجوز إلا للضرورة، وعلى هذا فما يفعله بعض الناس الآن من التصوير للذكرى واقتناء ذلك ليتذكره؛ ليتذكر أولاده وهم صغار، أو ليتذكر رحلة قام بها مع أصحابه، فإن هذا لا يجوز؛ لأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة.
قد يقول بعض الناس: إن هذا تناقض، كيف تقول في الأول عند التقاط الصورة: إن هذا ليس بتصوير، ثم تقول: اقتناء هذه الصورة يحرم إلا لحاجة؟! فنقول: لا تناقض؛ لأن الصورة موجودة الآن ولو بالآلة، فيقال: هذه صورة لا تقتنيها.
والدليل على هذا: أن الرجل يقابل المرآة -مثلاً- فإذا قابل المرآة قيل: هذا -أي: الذي في المرآة- صورة مع أنها لا تبقى، فالصورة أعم من كونها مصورة باليد أو مصورة بالآلة، وعموم الحديث: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة) يشمل هذا وهذا.
السؤال: ما حكم الصور على ملابس الأطفال؟ الجواب: الصور على الملابس سواء للأطفال أو للكبار محرمة، لا يجوز أن يلبس الإنسان شيئاً فيه صورة، سواء كانت الصورة نقوشاً في كل اللباس، أو كانت الصورة ملصقة في أعلى اللباس، صورة بلاستيك أو مخيطة.
السؤال: شراء قوارير الأطياب والشامبو وغير ذلك مما يوجد عليها صور، ما قولكم في ذلك؟ الجواب: لا شك أن الصور الموجودة على قوارير الأطياب أو الشامبو أو ما أشبهها؛ لا شك أنها صور خليعة فاسدة، يُقصد بها فتنة الناس؛ ولكن كيف نتخلص منها؟ إذا كنا سنشتري الشامبو لأجل الانتفاع به فكيف نتخلص؟! أرى أن مثل هذه إذا ابتليتَ بها فاطمس وجهها ودعها تبقى عندك، وإن كانت التي في البيت لا يؤبه بها ولا يُهْتَم بها فهي من جنس الصور المهانة.
السؤال: والصور في الفيديو؟ الجواب: المصوَّر في الفيديو ليس صوراً.
السائل: ما رأيكم في التصوير بالفيديو؟ الشيخ: لا أجزم بالتحريم؛ لكن فيه إضاعة وقت ومال، وليست المسألة إضاعة الوقت عند التصوير فقط، بل إضاعة الوقت حتى عند مشاهدتها، فيغريه الشيطان بمشاهدتها كل وقت، كلما فكر ذهب فشغَّل الفيديو ونظر إلى هذه الصور، فهي أقل ما فيها أنها ملهية، والتحريم لا أجزم به.
أما إذا كان تصوير الفيديو لمصلحة دينية أو علمية نافعة فلا بأس.