للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم التوسع في شرح أسانيد الأحاديث]

هناك أمر بين بعض طلبة العلم هو أن بعضهم يحفظ الأسانيد ويرويها ويجلس يشرح في هذه الأسانيد فترة طويلة، ويذكر الرواة ويذكر ما في هذا الحديث حتى أني مرة سمعت في حديث: (إنما الأعمال بالنيات) من بعد صلاة المغرب إلى أذان العشاء ولم يشرح الحديث نفسه فما رأيكم في هذه الطريقة المتبعة عند بعض طلبة العلم؟

الذي نرى أن هذه الطريقة عقيمة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (رب مبلغ أوعى من سامع) فالمهم من السنة هو فقهها ومعرفتها، والرجال والسند ما هو إلا طريق، فإذا كانت الرجال من رجال البخاري ومسلم وهو في الصحيحين مثلاً، فطول الكلام فيه قليل الفائدة وإضاعة للوقت، أما إذا كان الرجال في كتب لم تشتهر بين المسلمين، فهنا يجب أن يبحث الإنسان فيهم، وإذا كان مدرساً قال عن هذا الرجل: تكلم فيه الناس، وأكثرهم ضعفه، أو أكثرهم قواه، وينتهي ثم يتكلم على فقه الحديث، وما اشتمل عليه من فوائد وأحكام، هذه الطريقة الصحيحة التي تنفع الناس، أما كوني أعرف أناساً لهم مئات السنين قد ماتوا وما حالهم، وما قيل فيهم، والفائدة قليلة؛ لأن هذا الحديث في البخاري ومسلم اللذين تلقتهما الأئمة بالقبول، بل تلقاهم الناس جميعاً بالقبول، فهذا إضاعة وقت في الحقيقة، وخير من هذا إذا كان يريد كذلك أن يأخذ التقريب أو التهذيب أو تهذيب التهذيب أو غيره من كتب الرجال ويقرأ ويشرح ويدع الأحاديث جانباً.

فنصيحتي لإخواني الذين يدرسون في الحديث أن يهتموا بفقه الأحاديث، أما الرجال فلا يبحثوا إلا فيما دعت الضرورة إليه، وإذا كانوا قد تصدوا للتدريس فليتكلموا بما حصل عندهم في هذا الرجل فيقول مثلاً: هذا الرجل تكلم فيه الناس أكثرهم ضعفه وأكثرهم قواه والراجح أنه قوي، أو الراجح أنه ضعيف، إذا كان أهلاً للترجيح أو التضعيف.