إن المؤمن يتذكر فيما يتذكر بتجدد الأعوام والسنين، يتذكر من كان معه من إخوانه في مثل هذا الوقت من العام الماضي، حيث انفردوا بأعمالهم في قبورهم مرتهنين، لا يملك الواحد منهم زيادة حسنة ولا نقص سيئة، ويعلم علم اليقين أن هذا سيكون له إن عاجلاً وإن آجلاً، فينتهز الفرصة بالعمل الصالح حتى لا يغبن في حياته، كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال:(نعمتان مغبونٌ فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ) فكم من إنسان مضت عليه صحته أياماً بل شهوراً بل أعواماً لم ينتفع من هذه الصحة بشيء، وهو إذا لم ينتفع بها بشيء فإنه قد خسرها؛ لقول الله تعالى:{وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَاّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}[العصر:١-٣] فإذا خسرها كان مغبوناً فيها، وكم من إنسان مضت عليه أوقات فراغ كثيرة لا يتعب نفسياً ولا جسمياً بتحصيل معاشه، بل قد منَّ الله عليه بالنعمة والرغد، ومع ذلك غبن في هذا الفراغ حتى كأنه شاغل لهذه الفراغات لا يستطيع أن يتفرغ لعبادة الله.
فخذوا أيها الإخوة من صحتكم لمرضكم، ومن حياتكم لموتكم، واستعدوا ليوم الرحيل، وأودعوا في كتاب أعمالكم حسنات تجدوها عند الله سبحانه وتعالى خيراً وأعظم أجراً، أقول هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب.
وحيث أنَّ كثيراً منكم في هذا العام حجوا وشاهدوا ما حصل من الحجيج من مخالفات شرعية، أو من أنظمة فيها شيء من التقصير، فإني أطلب إليكم الآن وبسرعة عاجلة أن تكتبوا لي -جزاكم الله خيراً- ما شاهدتموه من التقصير في الأنظمة، أو في رجال الأعمال، أو من المخالفات من الحجاج، حتى يتم النظر فيها ودراستها لعلَّ الله سبحانه وتعالى أن يعين على إصلاح ما حصل، وحدود هذا إلى يوم الإثنين فقط؛ لأني مستعجل فيها، وأرجو ألا تكتبوا إلا شيئاً علمتموه، وأما ما ينقل بلا تثبت فإنه لا يعتمد عليه، ولكن لا بد أن تكون هناك مشاهدات، ويكون هذا منكم مساعدة ومعاونة على البر والتقوى، أصلح الله أحوالنا وأحوال المسلمين.