للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم من يقول الشهادتين ويذبح لغير الله]

ما رأي فضيلتكم بمن يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله، ثم يذبح لغير الله، فهل يكون مسلماً؟ مع العلم أنه نشأ في بلاد الإسلام؟ الشيخ: الذي يتقرب إلى غير الله بالذبح مشرك شركاً أكبر، ولا ينفعه قول: لا إله إلا الله ولا صلاة ولا صوم ولا غيره، اللهم إلا إذا كان ناشئاً في بلاد بعيدة، لا يدري عن هذا الحكم، كمن يعيش في بلاد بعيدة يذبحون لغير الله، ويذبحون للقبور، ويذبحون للأولياء، وليس عندهم في هذا بأس، ولا يعلمون أن هذا شرك أو حرام، ولم تقم عليهم الحجة في ذلك فإن هذا يُعذر بجهله.

أما إنسان يقال له: هذا كفر.

فيقول: لا، ولا أترك الذبح للولي، فهذا قد قامت عليه الحجة فيكون كافراً، فإذا نُصح وقيل له: إن هذا شرك، وبينت له الأدلة في ذلك، وأقيمت عليه الحجة الشرعية فلم يعبأ ولم يهتم، صار مشركاً كافراً مرتداً يستتاب، فإن تاب وإلا قتل.

السائل: وهل هناك فرق بين المسائل الظاهرة والمسائل الخفية؟ الشيخ: الخفية بينة، مثل هذه المسألة لو فرضنا أنه يقول: أنا أعيش في قوم يذبحون للأولياء ولا أعلم أن هذا حرام فهذه تكون خفية؛ لأن الخفاء والظهور أمر نسبي قد يكون ظاهراً عندي ما هو خفيٌ عليك وظاهرٌ عندك ما هو خفي عليَّ.

السائل: وكيف أقيم الحجة عليه؟ وما هي الحجة التي أقيمها عليه؟ - الشيخ: الحجة عليه ما جاء في قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام:١٦٢-١٦٣] وقال تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر:١-٢] فهذا دليل على أن النحر للتقرب والتعظيم عبادة، ومن صرف عبادة لغير الله فهو مشرك.

فتجب إقامة الحجة قبل التكفير، وذلك في كل المسائل التي يمكن أن يجهلها الناس، فلا نقسم المسائل إلى مسائل ظاهرة ومسائل خفية؛ لأن الظهور والخفاء أمر نسبي، قد تكون المسألة ظاهرة عندي وخفية عند غيري، فلابد إذاً من إقامة الحجة وعدم التسرع في التكفير؛ لأن إخراج رجل من ملة الإسلام ليس بالأمر الهين، وهناك موانع تمنع من تكفير الشخص وإن قال أو فعل ما هو كفر، منها: الخطأ، فالرجل الذي قال: (اللهم أنت عبدي وأنا ربك) قال كلاماً كفرياً، ومع ذلك لم يكفر؛ لأنه أخطأ من شدة الفرح.

وكذلك إذا أكره رجل على الكفر فتكلم به لم يكفر إذا كان قلبه مطمئناً بالإيمان، لقوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً} [النحل:١٠٦] والعلماء الذين يقولون: كلمة كفر دون صاحبها، هذا إذا لم تقم عليه الحجة ولم نعلم عن حاله، أما إذا علمنا عن حاله فما الذي يبقى؟ نقول: لا يكفر؟ معناه: لا أحد كافر؟ أي: لا يبقى أحد يكفر، حتى المصلي الذي لا يصلي نقول: لا يكفر؟ حتى ابن تيمية يقول: إذا بلغته الحجة قامت عليه الحجة.