للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شروط وجوب الحج]

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

أما بعد: فهذا هو الدرس السابع والسبعون بعد المائة من دروس (لقاء الباب المفتوح) التي تتم كل يوم خميس، وهذا الخميس هو الرابع عشر من شهر ذي القعدة عام (١٤١٨هـ) .

نعدل عما كنا نعتاده من تقديم تفسير الآيات إلى ما يحتاج الناس اليوم فيما يتعلق بالمناسك.

فنقول: الحج إلى بيت الله الحرام هو أحد أركان الإسلام، أوجبه الله تعالى على عباده في كتابه، وبين النبي صلى الله عليه وسلم منزلته في الدين، فقال الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران:٩٧] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت الحرام) .

وأجمع المسلمون على فرضيته، فهو ثابتٌ بالكتاب والسنة والإجماع، فرضه الله تعالى على عباده في السنة التاسعة من الهجرة، وقيل: في العاشرة، وإنما تأخر فرضه -والله أعلم- لأن مكة كانت قبل ذلك -أي: قبل السنة التاسعة- كانت تحت سيطرة المشركين، والمشركون يدخلون من شاءوا ويردون من شاءوا، ولهذا منعوا النبي صلى الله عليه وسلم من إتمام العمرة في غزوة الحديبية، فلم يوجب الله الحج إلا بعد أن خلصت للمسلمين بعد الفتح، ولم يحج النبي صلى الله عليه وسلم في السنة التاسعة؛ لأن الوفود من العرب تكاثروا في هذه السنة بعد فتح مكة، يفدون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لتعلم أمور دينهم، فكان بقاؤه هناك -أي: في المدينة - أيسر لكثيرٍ من العرب، وأفرغ له عليه الصلاة والسلام، ولأن المشركين في السنة التاسعة شاركوا المسلمين في الحج، فاختار الله سبحانه وتعالى أن تكون حجة الرسول صلى الله عليه وسلم في السنة العاشرة الخالصة للمسلمين.