للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التعصب للآراء والأشخاص]

جزاك الله خيراً يا شيخ! ما رأيك في الفتنة الموجودة بين بعض طلبة العلم والمشايخ بالنسبة للشباب، فبعضُهم يتعصب لقول، ويُنكر على الآخر، فما تقول في هذا؟

الذي أرى أن هذا مما يلقيه الشيطان بين الناس بالتحريش بينهم؛ لأن الشيطان لما رأى الفتح في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، وقوة الإسلام، يَئِس من أن يُعْبَد في هذه الجزيرة؛ ولكن بالتحريش بينهم، وهذا هو الواقع.

والذي نرى هو أن الواجب على الشباب وغير الشباب أن يتقوا الله سبحانه وتعالى ويصلحوا ذات بينهم، كما أمر الله بذلك: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [الأنفال:١] وأن لا يكون همهم القيل والقال وكثرة السؤال، بل على كل إنسان أن يرى مصلحته الدينية والدنيوية ويقوم بها، وأما التعرُّض لأناس بأشخاصهم بالقَدْح فيهم وهم ليسوا محلاً للقدح، فهذا خطأ عظيم.

وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الغيبة؟ فقال: (ذِكْرُك أخاك بما يَكْرَه، قال: أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بَهَتَّه) .

وغيبة العلماء والأمراء أشد من غيبة غيرهم؛ لأن غيبة العلماء يحصل بها انحطاط قدر العالِم بين الناس، وإذا انحط قدر العالِم بين الناس فلن يقبلوا ما يأتي به من شريعة الله، فتكون غيبة العالِم قدحاً فيه، ومنعاً لما ينتفع به الناس مِمَّا يُلْقِيه من شريعة الله عزَّ وجلَّ.

وغيبة الأمراء -أيضاً- هي الأخرى مصيبتها عظيمة؛ لأن الناس إذا انحط قدر أمرائهم عندهم فإنهم لن ينصاعوا لأوامرهم، وسوف يحتقرونهم، فتحصل الفوضى، ويختل الأمن، ولهذا قال الله عزَّ وجلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:٥٩] وهذا يشمل العلماء والأمراء، فإذا كان هؤلاء قد أمرنا بطاعتهم في غير معصية الله فالواجب احترامهم واحترام أعراضهم، وإذا عَلِمنا عن أحد منهم خطئاً أو زللاً فالواجب النصيحة له حتى يزول الإشكال.

المهم أنِّي أنصح الشباب من هذا التفرُّق، وأقول: إياكم والتعصُّب لأحد، بل تعصبوا للحق أينما كان، ولا تكرهوا هذا لأنه ليس على رأي هذا، بل الواجب محبة أهل الخير، وتجنُّب نشر المساوئ.