حكم جمع وقصر الصلاة لمن مكث مدة طويلة مسافراً
نحن طلاب في بعض الجامعات، فإذا سافرنا من مدينتنا إلى الجامعة نجلس أحياناً أربعة أشهر أو ثلاثة أشهر، فما حكم قصر الصلاة، أو الجمع في هذه المدة وترك السنة الراتبة؟
نقول: الناس ينقسمون إلى ثلاثة أقسام: قسمٌ مستوطِن.
وقسمٌ مقيمٌ أبداً.
وقسمٌ مقيمٌ إقامةً مؤقتة، إما بزمن وإما بعمل.
فأما المستوطن: فظاهرٌ أنه ليس له حكم المسافر؛ لأنه مستوطن.
وأما المقيم إقامة مطلقة مثل: السفراء وغيرهم، فهؤلاء الأصل أنهم مقيمون إقامة مطلقة، وأن هذا البلد هو بلدهم، فهذا أيضاً كالأول، بمعنى أنه لا يترخص بِرُخَص السفر.
وأما المقيم إقامة مقيدة بزمن أو عمل؛ بزمن: كشهر أو شهرين، أو يوم أو يومين، أو عمل: كعلاج، وتَعَلُّم غير مقيَّد بسنوات، فهذا حكمه حكم المسافر، بل هو مسافر حقيقة؛ لأن هذا الشخص متى انتهى وقتُه المقيَّدُ بزمنٍ أو عملُه الذي قيَّد به سفرَه فإنه يرجع إلى بلده.
وبناء على ذلك يكون الذين يدرسون في خارج بلدهم مسافرين؛ لأنهم لا ينوون الإقامة المطلقة إطلاقاً، لو أنه أعطي شهادته اليوم لسافر؛ لكنه مربوط بهذا العمل المؤقت المحدد.
ولذلك تجد بعض البلاد تكون مدة الدراسة فيها أربع سنوات، وبعضها خمس سنوات، وبعضها ست سنوات، فمن فعل هذا يكون حكمه حكم المسافر، فالمسح على الخفين ثلاثة أيام، والصلاة الرباعية ركعتان، وصيام رمضان لا يلزمه؛ لكننا نقول: لا ينبغي أن يؤخر الصيام إلى رمضان الثاني؛ لأنه إذا أخر صيام رمضان في هذا العام مثلاً وجاء العام الثاني وأخره إلى العام الثالث تراكمت عليه الأيام، وربما يعجز، وربما يترك، فلذلك نرى أن الصيام وإن جاز له أن يفطر لأنه مسافر؛ لكن لا يؤخره إلى السنة الثانية؛ لئلا تتراكم عليه فيعجز.
أما بالنسبة للرواتب فأنتم وغيركم سواء، فالمشهور عند أكثر الناس أن المسافر لا يتنفل، وهذا غلط، بل إن المسافر يتنفل كما يتنفل المقيم بكل شيء؛ كصلاة الليل، وصلاة الضحى، وصلاة الوتر، إلا ثلاث نوافل وهي: راتبة الظهر.
وراتبة المغرب.
وراتبة العشاء.
فالسنة ألا يصليها، وأما بقية النوافل فهي على ما كانت عليه.
فلذلك وُجِدَت عبارة غير صحيحة يقال: مِن السُّنَّة في السفر تَرْكُ السُّنَّة! من أين جاء بهذا الكلام؟! مِن السُّنَّة تَرْكُ السُّنَّة؟! بل الصحيح: مِن السُّنَّة تَرْكُ الرواتب الثلاث التي ذكرناها فقط، وهي: رواتب الظهر، والمغرب، والعشاء، والباقي باقٍِ على ما هو عليه.