للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفسير قوله تعالى: (أولئك هم المقربون)

قال تعالى: {أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} [الواقعة:١١-١٢] أي: في هذا المقر العظيم الذي فيه (ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر) وأضاف الجنات إلى النعيم؛ لأن ساكنها منعمٌ في بدنه، منعمٌ في قلبه، كما قال الله عز وجل في سورة الإنسان: {إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً} [الإنسان:١٠-١١] نضرة في الوجوه وسروراً في القلوب، فهم في نعيم في جنات النعيم، نعيم البدن أو نعيم القلب أو هما؟ نعيم البدن ونعيم القلب، {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً} [فاطر:٣٣] {وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ} [الإنسان:٢١] هذا من نعيم البدن {وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلاً} [الإنسان:١٧] ... {كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً} [الإنسان:٥] هذا من نعيم البدن أيضاً، {فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} [فصلت:٣١] هذا من نعيم البدن، إلى غير ذلك مما ذكره الله عز وجل من النعيم في الجنة، ولو لم يكن فيها إلا أن الإنسان يخلد فيها، لا يموت، ويصح فلا يسقم، ويشب -أي: يكون شاباً دائماً- فلا يهرم، وفوق ذلك كله النظر إلى وجه الله عز وجل، كما قال الله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس:٢٦] أي: فوق الحسنى، فسر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (الزيادة) بأنها النظر إلى وجه الله -اللهم اجعلنا ممن ينظر إليك في جنات النعيم-.