فضيلة الشيخ: قد سألني أحد العمال الموجودين بالمنطقة أنه قدم إلى المنطقة وقد اتفق مع كفيله بالمنطقة على عمل معين، فلما أتى لم يجد عند هذا الكفيل مؤسسة فأطلقه وقال له: اذهب واعمل ونهاية الشهر تأتي لي بثلاثمائة ريال، فهو يقول: هل هذا العمل صحيح؟
هذا عمل محرم، ولا يحل لأحد أن يستقدم العامل على عمل معين ثم يصرفه إلى عمل آخر، حتى وإن كان بالأجرة الشهرية التي اتفق معه، يعني: لو استقدمه على أن يكون نجاراً فإنه لا يحل له أن يستعمله على الحدادة مثلاً، أو على رعي الإبل، أو على حرث الزرع؛ لأن هذا خلاف العقد، وقد قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}[المائدة:١] فإذا كان الأمر أشد من هذا كأن يتركه ويفرض عليه ضريبة كل شهر يحضرها، فهذا أشد وأقبح؛ لأن هذا أولاً: مخالف للشرع، ومخالف لنظام الدولة، وأكل للمال بالباطل، فلا يحل له، ولهذا العامل أن يرفع الأمر إلى نظام العمل والعمال ويشكو كفيله.
السائل: لو أتى إليك شخص وقال: أنا أريد أن أعمل وقد تكلفت، يعني: دفعت مبالغ كبيرة في بلدي أريد أن أعمل أو أرجع إلى بلدي وقد خسرت أموالاً كثيرة، فعندما أعمل عندك أجد مبلغاً معيناً يغطي التكاليف التي بسببها جئت، فالرجوع أصعب عليَّ من العمل بهذه الصورة؟ الشيخ: على كل حال، إذا رضي لكنه راضٍ عن إغماض وكراهية فكأنه لم يرض، وهذا الكفيل سيعاقب على ذلك يوم القيامة، حتى لو رضي العامل، وقال: أنا إذا رجعت إلى بلدي أخسر خسارة كبيرة، وأنا أرضى وإن كان على خلاف ما تمًَّ العقد عليه، فإنه إذا كان ذلك عن إغماض وكراهية لا تبرأ به ذمة الكفيل.
السائل: والكفيل الآخر الذي سوف يعمل عنده هل عليه شيء؟ الشيخ: أنا ما فهمت من كلامك إلا كفيلاً واحداً.
أنت أتيت به من الخارج ليعمل عندك ولو مزارعاً يسقي الزرع، فقلت له: لا أريدك، اذهب واعمل وأعطني كل شهر ثلاثمائة ريال، أليس هذا سؤالك؟ السائل: ولكن سوف يذهب إلى صاحب زرع آخر في نفس الوظيفة يعمل فيها، فصاحب الزرع الآخر هل يمكن أن يجعله عاملاً لديه وهل عليه بأس؟ الجواب: على كل حال صاحب الزرع الآخر هو معه حر، يعني: ليس عليه بأس، لكن ذلك الكفيل هو الذي عليه البأس.