الجهاد ماضٍ إلى قيام الساعة
ما حكم الجهاد في الوقت هذا؟ ومن ذهب يجاهد دون إذن والديه فما حكمه؟
الجهاد -بارك الله فيك- قائم ماضٍ إلى يوم القيامة, وهو في الأصل فرض كفاية, إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين, ولكن قالوا: إنه يكون فرض عين في أربعة مواضع: الموضع الأول: إذا حضر والتقى الصفان فإنه يجب أن يبقى ولا يجوز الفرار, لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} [الأنفال:١٥-١٦] وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن التولي يوم الزحف من الموبقات المهلكات.
الموضع الثاني: إذا استنفره الإمام, قال: انفر للجهاد, فيجب عليه أن ينفر, لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ * إِلاّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التوبة:٣٨-٣٩] .
الموضع الثالث: إذا كان الرجل محتاجاً إليه, يعني: يحتاج إليه الناس في هذه الغزوة وجب عليه, مثل: أن يكون لديه سلاح لم يتمرن عليه أحد وهذا الغازي متمرن عليه, فيجب عليه أن يخرج؛ لأنه صار فرض عين في حقه.
الموضع الرابع: قتال الدفاع, إذا حاصر العدو بلده وجب عليه أن يقاتل؛ لأنه إن لم يفعل احتل العدو بلده وحصل من الفساد ما لا تحمد عقباه.
في هذه الأحوال الأربعة يكون الجهاد فرض عين, وما عدا ذلك فهو فرض كفاية.
أما القتال بدون إذن الوالدين فلا يجوز, إلا إذا كان فرض عين, وعرفت الأحوال التي يكون فيها فرض عين، فإذا كان إحدى هذه الأحوال وجب أن يجاهد حتى وإن نهاه والده أو أمه.
والحمد لله رب العالمين، وصلى وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين, ونسأل الله أن يثيبكم على حضوركم فإن: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة) .