صلاة الغائب هل تشرع لا سيما إن ظن أنه صلي عليه في بلده؟
الصلاة على الغائب الصحيح أنها ليست بسنة إلا من لم يُصلَ عليه كرجل مات في البحر وغرق ولم يُصلَ عليه فحينئذٍ نصلي عليه، أما إذا صلي عليه في أي مكان فإنه لا يصلى عليه صلاة غائب؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يصلِ على الغائب إلا على رجل واحد لم يُصلَ عليه وهو النجاشي، ولو كانت الصلاة على الغائب مشروعة لكان أول من يسنها للأمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
كذلك الصحابة رضي الله عنهم ما أثر عنهم أنهم صلوا على الغائب، يموت القواد، ويموت الخلفاء، ويموت الأمراء ولم يُصلَ عليهم، وهذا الذي ذكرناه هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وقد وفق للصواب، لكن إذا أمر به ولي الأمر صار طاعة، أي: صارت الصلاة على الغائب طاعة؛ لأنها من طاعة ولي الأمر الذي أمرنا بها، قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء:٥٩] ولقد ضل قومٌ بلغنا أنه لما أمر ولي الأمر بالصلاة على الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تخلفوا ولم يصلوا وهذا من جهلهم، لأننا نصلي على الغائب بأمر ولي الأمر طاعة لله عز وجل، لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء:٥٩] فإذا قال هذا: أنا أرى أنها بدعة هل إذا أمر ولي الأمر ببدعة نوافق؟ نقول: لا، هذه ليست بدعة لأنها مسألة خلافية بين العلماء، ومسائل الخلاف الفقهي لا يقال: إنها بدعة، لو قلنا: إنها بدعة لكان كل الفقهاء مبتدعون، يعني كل شخص يقول للآخر إذا كان على خلاف رأيه: أنت مبتدع، وهذا لم يقله أحد من العلماء، لذلك نقول: إن اجتهاد هؤلاء الإخوة في غير محله.
على كل حال: الصحيح أن الصلاة على الغائب ليست بسنة، لكن إذا أمر بها ولي الأمر فهي طاعة لله عز وجل؛ لأنه أمر بها.