للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[النهي عن بيعتين في بيعة]

ما حكم البيعتين في بيعة، وما صفتها؟

(نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة) واختلف العلماء رحمهم الله في معنى هذا الحديث.

فذُكِر من معناه: أن تقول للرجل: هذا الكتاب بعشرة نقداً، أو بعشرين إلى سنة، فهذه البيعة بيعتان في بيعة، أي: ثمنان في عقد واحد.

وهذا التفسير غير صحيح؛ لأن البيعة هنا واحدة؛ لكن الثمن مُخَيَّرٌ فيه، فأنت تقول: خذه بعشرة أو بعشرين، والرجل سيأخذه بأحدهما وليس بالاثنين، فهذا التفسير غير صحيح.

التفسير الثاني: أن بيعتين في بيعة هي مسألة العينة، والعينة: أن تبيع سلعةً بثمن مؤجل، وتشتريها نقداً بأقل، مثال ذلك: أن تبيع سيارة على إنسان بخمسين ألفاً إلى سنة، ثم تشتريها منه بأربعين ألفاً نقداً تسلمها له، فهذه البيعة بيعتان في بيعة، أي: في مبيعٍ واحد، وهو هنا السيارة، حيث ورد عليها عقدان العقد الأول والعقد الثاني.

فهذه المعاملة بيعتان في بيعة، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: (لَهُ أَوْكَسُهُما أو الربا) ما الأوكس في مثالنا؟ الأوكس في مثالنا: الأقل.

أيهما؟ الأربعون.

فنقول: الآن إما أن تأخذ من هذا الذي اشتريت منه سلعتَك الأربعين، وإلا وقعت في الربا.

ولا يمكن أن تصدُق صورة لبيعتين في بيعة إلا على هذا.

وهذا هو الذي قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو عند التأمل الحق.

عرفت يا أخي؟! بقيت عندنا مسألة: أحياناً يبيع الإنسان سيارة بخمسين ألفاً إلى سنة، ثم تُعْرَض السيارة في المعرض، فهل لبائعها أن يشتريها من المعرض؟ نقول: إن كان صاحبها الذي اشتراها باعها على صاحب المعرض فلك أن تشتريها من صاحب المعرض ولو بأقل، وإن كانت ستباع مباشرة لحساب الذي اشتراها منك فإنه لا يجوز لك أن تشتريها بأقل مِمَّا بعتها به.

السائل: وإذا قلتُ لصاحب المعرض: اشترِها وأنا سوف أشتريها منك؟ الشيخ: لا يصح هذا؛ لأن هذا تواطؤ على الربا.