هل مرد اعتبار الضرب في الأرض سفراً إلى العرف، أرجو التوضيح مع توضيح هل من مكة إلى جدة سفر أم لا؟
المسألة هذه فيها خلاف: هل السفر مقدر بالمسافة، أو بالزمن، أو بالعرف: وجمهور العلماء: على أنه مقدر بالمسافة، فما بلغ نحو واحد وثمانين كيلو فهو سفر، ولو قطعه الإنسان بنصف ساعة، ولو رجع منه بيومه.
ومن العلماء من يقول: العبرة بالعرف، فما عده الناس سفراً فهو سفر، وما لم يعدوه سفراً فليس بسفر، فعلى هذا: فلو أن الإنسان سافر في الطائرة إلى الرياض ورجع في يومه لعده الناس سفراً لبعد الرياض، ولو ذهب إلى بريدة وتغدى عند صديق له ثم رجع فإنهم لا يعدونه سفراً لقرب المسافة، وهذا أقرب إلى الصواب: أن العبرة بالعرف، لكن يشكل على هذا أن العرف غير مطرد ولا منضبط، قد يعد بعض الناس هذا سفراً، وقد يعده الآخرون غير سفر، فلذلك المسألة لا يمكن أن ينضبط الناس بها إلا إذا قلنا: إنها مقدرة بالمسافة.
وإنك إذا نويت سفراً مسافة واحد وثمانين كيلو فأكثر، فأنت مسافر وما دون ذلك لست بمسافر.
أما مكة وجدة فكانت المسافة بينهما فيما سبق مسافة قصر لا شك، أما الآن فلا؛ لأن كلتيهما توسع ودنا من الأخرى، فلا يبلغ مسافة ما بين مكة وجدة مسافة القصر.
وأنا أقول لكم: إن الصواب مع من يقول: إن العبرة بالعرف، يدل على هذا: أن أهل مكة حجوا مع النبي عليه الصلاة والسلام وجمعوا معه وقصروا معه في عرفات وفي مزدلفة، وهذا لا يبلغ المسافة التي قدرها من يقدرون السفر بالمسافة.