فضيلة الشيخ! تعلمون ما يكون على النساء في وقت الحج من الزحام، وعدم القدرة على أداء المناسك في بعض الأماكن، وقد أفتى أهل العلم بالنسبة للمرأة بأنها ترمي في الليل، فهل لوليِّها أن يذهب ويرمي لنفسه معها في الليل، أو يذهب في النهار ويصاحبها فقط في الليل؟
الصحيح أن الرمي في الليل جائز، إلا ليلة العيد فإنه لا يجوز إلا في آخر الليل، وكذلك في اليوم الثاني عشر لا يؤخره إلى الليل؛ لأنه لو أخره إلى الليل لزم أن يبقى إلى اليوم الثالث عشر، كذلك رمي الثالث عشر لا يؤخر إلى الليل؛ لأن أيام التشريق تنتهي بغروب ليلة الثالث عشر.
فيجوز حتى لغير المرأة أن يرمي ليلاً، ونرى أن الرمي ليلاً مع الطمأنينة والإتيان بالرمي على وجه الخشوع، أفضل من كونه يذهب ليرمي في النهار وهو لا يدري أيرجع إلى خيمته أو يموت، ولا يؤدي العبادة -حين يؤديها- عبادةً، بل يؤديها وكأنه مشغول البال بالخوف على نفسه، وقد قررنا قاعدة دلت عليها الشريعة: أن المحافظة على ذات العبادة أولى من المحافظة على زمانها أو مكانها ما دام الوقت متسعاً، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام:(لا صلاة بحضرة الطعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان) ، فمن كان يدافع الأخبثين نقول له: أخِّر الصلاة إلى آخر الوقت حتى تقضي حاجتك، وإن كانت الصلاة في أول الوقت أفضل؛ لكن إذا صليت وأنت تدافع الأخبثين فإنك لا تحصل على الخشوع الذي يتعلق بذات العبادة.
لهذا نرى في الوقت الحاضر أن الرمي في الليل أفضل من الرمي في النهار، إذا كان الرمي في النهار لا يحصل به الخشوع وأداء العبادة على الوجه المطلوب، فيجوز للرجل أن يؤخِّر الرمي إلى الليل من أجل أن يذهب هو وأهله ليرموا الجمرة.