للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عذاب القبر متعلق بالروح وقد يتصل بالبدن]

أشكل عليَّ مسألة استدلال أهل السنة بردهم على المعتزلة في مسألة عذاب القبر ونعيمه، فإنهم يستدلون مثلاً في المنام، فإن الإنسان في نومه يحصل له كذا، فردوا على المعتزلة، يا شيخ! حفظك الله! إنني أرى -والله أعلم- أن هناك فرقاً بين المنام وبين عذاب القبر: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} [الزمر:٤٢] يعني: كيف استدل أهل السنة في ردهم على المعتزلة في المنام خاصة؟

استدلوا على أن هذا ممكن، ممكن أن يجد الإنسان عذاباً ونعيماً وهو لم يتغير، لأن أولئك قالوا: كيف نحن نثبت عذاب القبر ونحن نجد الرجل إذا دفناه اليوم جئنا من بكرة ووجدناه على ما هو عليه؟ نقول: لا يلزم أن يتغير الجسم، العذاب في القبر الأصل أنه على الروح لكن قد تتصل بالبدن، كذلك الرؤيا في المنام هي للروح في الواقع لكن مع ذلك ربما يتألم الجسم ولهذا تجد الإنسان إذا رأى ما يكره في منامه تجده يضطرب ويتقلب ويقول: هذه الليلة نومي ما هو جيد، بل ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه الروح: أنه أحياناً يجد الإنسان إذا رأى في المنام أنه قد ضرب أو ما أشبه ذلك يجد أثر الضرب على بدنه، فهذا مثال تقريبي وإلا ما في شك أن هناك فرقاً بين المنام وبين الموت، يعني: ما يجده الميت من سرور ونعيم أو عذاب وعقوبة أشد وأشد مما يراه النائم.