[حكم التكلم بأشياء لا تبنى على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم]
فضيلة الشيخ! سمعت من بعض الدعاة أكثر من مرة يقول: إن الناس قد ضعف عندهم التوكل، ذلك أني إذا سألت شخصاً أراد السفر عند من تنزل عندما تصل المكان الذي تريد؟ يقول: عند قريبي، فتقول: وإذا لم تجد قريباً؟ يقول: معي مال أنزل في فندق أو في شقة، فتقول: فإن لم يكن معك مال؟ يقول: الله يسهل الأمر، فهنا جعل الله في المرتبة الثالثة فهو ضعف في التوكل، وهذا يا فضيلة الشيخ! موجود بكثرة، وأمثال هذا الكلام متداول عندهم كثيراً وهم الذين قد سألت عنهم في الجلسة الماضية؟
أقول: إن من الآفات أن يتكلم الإنسان بأشياء لا تبنى على كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فيتصور الحق باطلاً أو الباطل حقاً، ومن المعلوم أن الإنسان إذا أضاف الشيء إلى سببه المعلوم فهو جائز، فإذا قيل للمسافر: كيف تسافر؟ إلى من تذهب؟ قال: أذهب إلى قريبي، فإذا لم أجده فمعي دراهم أنزل بها في فندق، فإذا لم يكن عندي قريب ولا معي دراهم فسييسر الله الأمر، فليس في هذا شيء من ضعف التوكل؛ لأنه اعتمد على أسباب ظاهرة معلومة، فإذا فقدت هذه الأسباب فقد علق الرجاء بالله، حتى في اعتماده على الأسباب المعلومة فهو في قرارة نفسه يعلم أن الله هو الذي ييسرها له، وهو الذي سهلها عليه، ولولا تسهيل الله تعالى ما تيسرت.
ولا يعني ذلك أنه جعل الله في المرتبة الثالثة بل بين الأسباب المعلومة المحسوسة، فإذا تعذرت عليه فالله ييسر الأمر، وليس في هذا شيء أبداً من نقص التوكل أو ضعف التوكل.