تفسير قوله تعالى:(إنا أرسلنا عليهم ريحاً صرصراً في يوم نحس مستمر)
أهلك الله عاداً الذين يفتخرون بقوتهم بهذه الريح، كما قال الله عز وجل هنا:{إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ}[القمر:١٩] الجملة هنا مؤكدة بإنا، و (أرسلنا) أي: الرب عز وجل نفسه، وجمع الضمير للتعظيم.
قوله:{عَلَيْهِمْ} أي: على عاد {ريحاً صرصراً} أي: ذات صرير لقوتها وشدتها، حتى إنها مجرد نفوذها يسمع له الصرير وإن لم تصطدم بما يقتضي الصرير؛ لأنها قوية عظيمة جداً، وهي الريح الغربية أتت من قبل الغرب، أي: من جهة الغرب لعاد، فقالوا:{هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا}[الأحقاف:٢٤] وكانوا قد أجدبوا قبل ذلك سنوات، فلما أقبلت بسوادها وعظمتها وزمجرتها، قالوا:{هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا}[الأحقاف:٢٤] ولكن الأمر كان بالعكس، كانت ريحاً فيها عذاب أليم، كانت ريحاً عقيماً ليس فيها مطر ولا يرجى أن يأتي منها مطر.
هنا يقول الله عز وجل:{إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً}[القمر:١٩] فهي الريح الغربية التي تأتي من ناحية المغرب.
قوله:{صَرْصَراً} أي: شديدة الصوت والصرير لقوتها وسرعتها.
قوله:{فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ}[القمر:١٩] أي: في يوم شؤم (مستمر) بالنسبة لعاد وليست كل وقت، فاليوم الذي أهلكوا فيه ليس هو نفسه نحساً مستمراً ولكنه بالنسبة لهؤلاء كان يوم نحس مستمر، كما قال الله تعالى عن قوم نوح:{أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَاراً}[نوح:٢٥] ، هؤلاء أهلكوا بالريح فأدخلوا النار، فالنحس -أي: الشؤم- كان مستمراً معهم، عذاب الآخرة متصل بعذاب الدنيا.