فضيلة الشيخ! أورد بعض الكتاب المعاصرين شبهة حول مصافحة المرأة الأجنبية وقالوا: لا بأس بالمصافحة العفوية؛ والخلوة البريئة بالأجنبية مع سلامة القلب، وأن الإيمان في القلب، وأما قوله عليه الصلاة والسلام:(إني لا أصافح النساء) فهذا خاص به عليه الصلاة والسلام، فما تعليقكم على هذه الشبهة وفقكم الله؟
تعليقنا على هذه الشبهة: أنها خطأ، أن هذا القول خطأ؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:(لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم) وهذا عام، وقال:(إياكم والدخول على النساء) وهذا عام، حتى قالوا:(يا رسول الله! أرأيت الحمو -أي: قريب الزوج يدخل على بيت قريبه- قال: الحمو الموت) أي: فاحذروه، والمصافحة أشد من الخلوة؛ لأن المصافحة إن كانت بلا حائل ففيها مباشرة الجسم للجسم ولا يخفى ما يحصل في ذلك من فوران الشهوة، مهما كان قلب الإنسان، والثاني: إذا كان بحائل فيمكن أن يغوي الشيطان الشخص حتى يغمز اليد بقوة أو بشدة، أو ينفضها، أو ما أشبه ذلك، مما يحرك الشهوة، فالمسألة خطأ كلها.
وأما أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم تمس يده يد امرأة، فليس هذا خاصاً به، بل هو عليه الصلاة والسلام يجوز له من الخلوة بالنساء ما لا يجوز لغيره، وقد ثبت في أحاديث متعددة تدل على جواز خلوة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالمرأة وجواز كشفها له، في حجة الوداع سألته امرأة: عن حجها عن أبيها وكانت امرأة جميلة فجعل الفضل بن عباس وهو رديف الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم على ناقته جعل ينظر إليها فصرف وجهه، وهذا يدل على أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يجوز له من النظر إلى النساء ما لا يجوز لغيره؛ لأنه أبعد الناس عن الريبة، فهذه الشبهة ليست شبهة في الواقع إلا على من كان في قلبه مرض، فإن المتنبي يقول: