{ذُو الْعَرْشِ} أي: صاحب العرش، والعرش هو الذي استوى الله عز وجل عليه وهو أعظم المخلوقات وأكبرها وأوسعها.
وقد جاء في الأثر:(أن السماوات السبع والأرضين السبع بالنسبة للكرسي كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض وأن فضل العرش على الكرسي كفضل الكرسي على هذه الحلقة) إذاًَ: الكرسي لا أَحَدَ يُقَدِّر سعته، وإذا كنا نشاهد من المخلوقات المشهودة الآن التبايُن العظيم في أحجامها، فكيف بالكرسي؟! أطلعني رجل على صورة الشمس وهي مصورة، وصورة الأرض، فوجدتُ أن الأرض بالنسبة لهذه الشمس كنقطة غير كبيرة في وعاء واسع كبير، وأنها لا تنسب إلى الشمس إطلاقاً، فهي ليست شيئاً، فإذا كانت هذه الأشياء المشهودة التي تدرَك بالتليسكوب وغيره، فما بالك بالأشياء الغائبة عنا؟! لأن ما غاب عنا أعظم مما نشاهد، قال الله تعالى:{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً}[الإسراء:٨٥] .
فالحاصل أن العرشَ الذي هو سقف المخلوقات كلها عرشٌ عظيم، استوى عليه الرحمن جلَّ وعَلا، كما قال تعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه:٥] .
وقوله:{الْعَرْشِ الْمَجِيدُ}[البروج:١٥] هذه فيها قراءتان: {الْمَجِيدُ}[البروج:١٥] بضم الدال.
و {الْمَجِيدِ}[البروج:١٥] بكسر الدال.
فعلى القراءة الأولى تكون وصفاً للرب عز وجل.
وعلى القراءة الثانية تكون وصفاً للعرش.
وكلاهما صحيح، فالعرشُ مجيدٌ، وكذلك الربُّ عز وجل مجيدٌ، ونحن نقول في التشهد: إنك حميدٌ مجيد.