قال تعالى:{وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ}[المجادلة:٨] أي: إذا مروا بك أو أتوا إليك وأنت في مجلس حيوك بما لم يحيك به الله، وذلك بقولهم: السام عليك -يعني: الموت- ولكنهم لا يفصحون بها جيداً، فيظن السامع أنهم يقولون: السلام عليكم.
ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إذا سلم علينا أهل الكتاب أو غير أهل الكتاب ممن نظن أنهم يقولون السام عليكم أن نقول: وعليك.
إن كان دعا بالسلام فعليه، وإن كان دعا بالسام فعليه، وهذا غاية العدل، لكن إذا سلم عليك اليهودي أو النصراني أو غيره بقوله: السلام عليك واضحة فلك أن تقول: وعليك السلام.
لقول الله تعالى:{وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا}[النساء:٨٦] ولأن النبي صلى الله عليه وعلى سلم قال: (إن أهل الكتاب إذا سلموا يقولون: السام عليكم فقولوا: وعليكم) وهذا يدل على أنهم لو قالوا السلام لقلنا وعليكم السلام.
{وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ}[المجادلة:٨] أي: يحدث شخص منهم نفسه أو المعنى يقولون فيما بينهم {لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ}[المجادلة:٨] أي: هلَاّ يعذبنا الله بما نقول لو كان ما نقول خطأً، كأنهم يتحدون الله عز وجل ويقولون: لو ارتكبنا خطأ لعذبنا الله، قال الله تعالى:{حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ}[المجادلة:٨] أي: كافيتهم {يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ}[المجادلة:٨] وهذا وعيد شديد لهؤلاء الذين نجوا من عذاب الدنيا، أن لهم عذاب الآخرة.