للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كلمة توجيهية للذين يقضون أيام الإجازة في التسكع في الشوارع أو السفر إلى البلاد الأوروبية]

فضيلة الشيخ! نريد منكم توجيه كلمة للذين يقضون أيام الإجازة في التسكع في الشوارع والجلوس على الأرصفة ولا يذهبون إلى المراكز الصيفية أو حلقات تحفيظ القرآن الكريم، وكذلك إلى الذين يذهبون إلى البلاد الأوروبية لقضاء الإجازة هناك جزاك الله خيراً.

هذا طلب طيب من هذا السائل جزاه الله خيراً، وهو يتضمن شيئين: أما الشيء الأول: فهو السفر إلى بلاد خارجية لقضاء هذه الإجازة فيها فنقول: إن السفر إلى بلاد كافرة أو بلاد منهمكة في المعاصي لا يجوز لأمور عدة: الأمر الأول: أن فيه إضاعةً للمال في قيمة التذاكر، وأجور الفنادق أو الشقق أو غير ذلك، ففيه إضاعة مال كثير، وهذا المال الذي تضيعه في هذه التنزهات اجعله نافعاً لك يوم القيامة في بناء مسجد، اجعله في إعانة إخوانك المجاهدين في البوسنة والهرسك، أو في الصومال، أو في كشمير، أو المجاهدين في الجمهوريات الإسلامية التي تحررت من الشيوعية، أو في غير ذلك من أوجه الخير والبر.

ثانياً: أن فيه إضاعة الوقت؛ لأن غالب الذين يذهبون لهذه النزهات لا يذهبون إلى الدعوة إلى الخير، أو إلى تعليم الناس الجاهلين، بل ربما يذهبون لأشياء محرمة لا إشكال في تحريمها، فيكون في ذلك إضاعةً للوقت والمال.

ثالثاً: أنه يخشى على عقيدة المرء، وعلى أخلاقه، وعلى عباداته، وعلى أهله إن كانوا معه.

يخشى عليه في عقيدته أن يقول: كيف أنعم الله على هؤلاء بهذا الترف وهذا النعيم وهم كفار وهو مؤمن؟ وقد قدر عليه رزقه، فيشك هل الإيمان خير أم الكفر خير؟ ولم يعلم المسكين أن هؤلاء عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا وهذا الترف بالنسبة لهم جنة؛ لأنهم ينتقلون بعده إلى عذاب وجحيم -والعياذ بالله- والفقر بالنسبة إليه إذا كان من المؤمنين يعتبر ابتلاء من الله عز وجل يؤجر عليه ويثاب عليه إذا صبر، قال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر:١٠] .

وأما كونه خطراً على عبادته: فإنه قد يصحب أناساً هناك لا يهتمون بالصلاة، ولا بالأذكار، ولا بالتقرب إلى الله، فيكتسب منهم صفاتهم ويصدونه عن ذكر الله وعن الصلاة.

وأما أنه خطر على أخلاقه فظاهر: لأنه هناك يجد المرأة المتبرجة غاية التبرج، وعلى جمال فاضح، وغالباً تكون متطيبة متبرجة فتفتن من لا يفتتن، وهناك لا حياء ولا دين فيسهل عليه الانزلاق وراء الشهوة.

وأما كونه خطر على أهله فذلك ظاهر أيضاً: فإن الصغار إذا ارتسم في أفكارهم شيء من الصغر لا يتحول عنهم إذا كبروا، فيحصل أن هؤلاء الصغار يتذكرون دائماً في هذه الحال الفظيعة التي كان عليها أهل هذه البلدة التي سافروا إليها.

أما بالنسبة لشبابنا في هذه البلاد فإنني أحثهم على أن يلتحقوا بواحدة من جهات ثلاث: أولاً: حِلَقْ تحفيظ القرآن، فهي -والحمد لله- متوفرة في المدن الكبيرة والقرى.

ثانياً: الالتحاق بالمساجد في حلق العلماء الذين يدرسون العلم كما يوجد -والحمد لله- منذ سنتين أو نحوها دورات في المدن يسمونها دورات مكثفة، يتكلم فيها علماء موثوقون ينتفع بهم الشباب.

ثالثاً: الالتحاق بالمراكز الصيفية التي يقوم عليها رجال موثوقون في علومهم وأفكارهم وأخلاقهم، والمراكز الصيفية متنوعة فيها علوم شرعية، وعلوم عربية، وفيها -أيضاً- فنون مباحة، كتعلم نجارة أو كتابة وما أشبه ذلك، وهي تكف الإنسان عن ضياع وقته.

فنحث أبناءنا على الالتحاق بإحدى هذه الجهات الثلاث حتى لا تضيع أوقاتهم وتتبلد أفكارهم فيقعوا في مهاوي الشهوات، وفي المثل السائر الذي قيل نظماً:

إن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أي مفسده