فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تعلمون حفظكم الله بأنه قد انتشر في هذا العصر بلاء عم وطم كثيراً من بيوت المسلمين وخاصةً في أشرف البقاع إلى الله مكة والمدينة؛ هذه البلية التي ابتلي بها كثير من الناس هي جهاز "الدش" ولا يخفى على أئمتنا العلماء ما يترتب على وجوده من الفساد والانحراف الظاهر والباطن في الدين والأخلاق.
فهل يحكم على مقتنيه بالدياثة، وخاصة من في بيته محارم؟ أم يحكم عليه بالسذاجة والجهل؟ وما نصيحتكم وتوجيهكم لهؤلاء الإخوة هدانا الله وإياهم إلى الصواب وبارك الله في أعمالكم؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تكلمنا على الدش في مثل هذا المجلس بكلام لا حاجة إلى إعادته في الواقع؛ لأننا لا نود أن تذهب مجالسنا في التكرار، وكذلك تكلمنا عليه في إحدى خطب الجمعة القريبة، والأشرطة موجودة في ذلك.
أما ما جاء ضمن السؤال: هل وجود الدش يعتبر من الدياثة؟ نقول: هذا ليس من الدياثة؛ لأن الديوث هو الذي يقر الفاحشة في أهله، وهذا الذي عنده الدش لو رأى رجلاً يحوم حول بيته فضلاً عن أن يفعل الفاحشة في أهله لقاتله، فلا يمكن أن نقول: إن هذه دياثة، لكن نقول: إنه سببٌ للشر والفساد، وهذا شيء معلوم، ولذلك أرى أن من الواجب على طلبة العلم في كل مكان أن يحذروا منه، وأن يبينوا أضراره، وإذا كان يلتقط أشياء فاسدة والكل يعرف فسادها وضررها فليأتِ بمثال ولا حرج، لكن الواجب التحري في النقل والصدق؛ لأن بعض الناس -نسأل الله لنا ولهم الهداية- يضيفون أشياء لم تكن؛ من أجل المبالغة في التنفير عنه، وكأنهم على رأي من يرى من العلماء أنه لا بأس بالحديث الضعيف في مساوئ الأخلاق للتنفير منها، وهذا ليس بصحيح.
أقول: التهاون في النقل ليس بصحيح؛ لأن لدينا في مجتمعنا من يحب أن يجد ثلمة في الدعاة ينتقدها عليهم، ثم يكون في هذا نزع الثقة مما يقوله الدعاة، فإذا تحرى الإنسان ونقل أدنى شر أو أعلى شر لكان الحق معه ولم يعترض عليه أحد، أما المبالغة التي توجب انتقاد الناس للدعاة والحط عليهم فلا تنبغي؛ لأن المقصود بيان الحق وهداية الخلق، وهذا لا يكون إلا بالصدق والتجرد في النقل والبلاغ.