[مصارف الزكاة]
هناك شيء مهم أيضاً: إذا وجبت الزكاة فمن نعطيها؟ أنعطيها من نشاء؟ لا.
الزكاة تولى الله تعالى بيان مصارفها بنفسه جل وعلا، فقال: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة:٦٠] فمن أدى الزكاة في غير أهلها لم تجزئه ولم تبرأ بذلك ذمته، كالذي يصلي قبل الوقت لا تجزئه الصلاة.
الفقراء والمساكين يعطون لحاجتهم وضابط ذلك على ما قاله الفقهاء: ألا يكون عند الإنسان ما يكفيه وعائلته لمدة سنة -فمثلاً- إذا قدرنا أن هذا الفقير أو أن هذا الرجل ينفق في السنة اثني عشر ألفاً، كل شهر ألف ريال وعنده ستة آلاف أيكون فقيراً؟ نعم يكون فقيراً نعطيه ستة آلاف فقط حتى يصبح وعنده ما يكفيه لعائلته لمدة سنة.
إنسان عنده راتب ثلاثة آلاف ريال في الشهر، لكنه ينفق كل شهر أربعة آلاف هل نعطيه أو لا؟ نعطيه، كم نعطيه؟ نعطيه اثني عشر ألفاً يعني: ثلاثة آلاف وهو ينفق أربعة آلاف، إذاً: لابد أن نكمل له، نعطيه أربعة آلاف كل شهر وثلاثة عنده وألف من عندنا وهلم جرا.
الغارمون ومفردها غارم وهو: الذي عليه دين ولا يستطيع وفاءه ليس عنده دراهم نقدية سائلة، وليس عنده عقارات، وليس عنده صنعة، المهم أنه لا يستطيع أن يوفي دينه، هذا يوفى دينه من الزكاة ولنا في ذلك طريقان: - الطريق الأول: أن نعطيه وهو يسدد.
- والطريق الثاني: أن نسدد عنه، يعني: نذهب إلى الذي يطلبه ونعطيه، أيهما أولى؟ فيه تفصيل: إذا علمنا أن الرجل أمين وحريص على إبراء ذمته، وأننا إذا أعطيناه أوفى، فالأفضل أن نعطيه هو ويسدد؛ لأن في ذلك ستراً عليه وإبعاداً للرياء عن المعطي، وأما إذا علمنا أن الرجل مفسد للمال لو أعطيناه يقضي الدين يشتري به أشياء لا داعي لها، فهذا لا نعطيه وإنما يذهب إلى دائنه ويوفى عنه حتى وإن لم يعلم؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: {وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ} [التوبة:٦٠] ولم يقل: وللغارمين، فلما لم يذكر اللام علمنا أنه لا يشترط تمليك المدين لقضاء دينه، فنذهب إلى الدائن ونقول: تطلب فلان ألف ريال هذه ألف ريال وننويها من الزكاة، وفي هذه الحال يجب أن نخرج الغريم فنقول: إنا أوفينا عنك، لماذا؟ لأن الدائن ربما ينسى ويطالب الغريم بالدين، وهو قد سدد ولأجل أن يطمئن الغريم بأن الله قضى دينه.
واعلم أنه متى وجدت الأوصاف في شخص من الناس فهو أهل للزكاة، سواء كان قريباً أم بعيداً، حتى أخوك أو ابنك أو أبوك أي شخص توجد فيه الأوصاف فهو مستحق، إلا إذا كان هذا الذي فيه الأوصاف ممن يجب عليك أن تنفق عليه فهنا لا تعطه لحاجته، مثل إنسان عنده أب هو في بيت وأبوه في بيت، أبوه يحتاج وهو غني واسع الغنى، هل يعطيه من زكاته؟ لا.
لماذا؟ يجب عليه أن ينفق على أبيه ولا يحل له أن يعطيه من زكاته؛ لأنه لو أعطى من زكاته وفر على نفسه النفقة.
حسناً! إنسان عنده مال كثير وأبوه أموره ماشية لا يحتاج إلى إنفاق، لكن عليه دين هل يقضي دين أبيه؟ يقضي دين أبيه، لماذا؟ لأنه لا يجب على الابن قضاء دين أبيه، فهو -إذاً- لا يوفر ماله، وإذا قدر أن هناك مدين آخر غير أبيه فأبوه أحق في قضاء دينه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صدقتك على القريب صدقة وصلة) .
لعلنا نكتفي بهذا القدر لنأخذ شيئاً يسيراً من الأسئلة في خلال ما بقي من الوقت، نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، وأن يجعل ما علمنا لنا حجة يوم نلقاه.