ثم قسّم الله سبحانه وتعالى هذا اليوم إلى قسمين فقال:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ}[الغاشية:٢-٣] و (خاشعة) أي: ذليلة، كما قال الله تعالى:{وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ}[الشورى:٤٥] .
{عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ} عاملة عملاً يحصل به النصب وهو التعب.
قال العلماء: وذلك أنهم يُكلَّفون يوم القيامة بجر السلاسل والأغلال، والخوض في نار جهنم -والعياذ بالله- كما يخوض الرجل في الوحل، فهي عاملة تعبة من العمل الذي تكلف به يوم القيامة؛ لأنه عمل عذاب وعقاب -نسأل الله العافية- وليس كما قال بعض الناس: إن المراد بها الكفار: {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً}[الكهف:١٠٤] وذلك لأن الله قيد هذا بقوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ}[الغاشية:٢] يوم إذا أتت الغاشية، وهذا لا يكون إلا يوم القيامة.
إذاً: فهي عاملة ناصبة بما تكلف به من جر السلاسل والأغلال، والخوض في نار جهنم أعاذنا الله وإياكم منها.