لو قلنا: إن الراجح أن الإنسان لو عمل في حال إسلامه عبادة ثم ارتد، ثم فريضة مثل فريضة الحج ثم ارتد، ثم رجع مرة أخرى فهل تكفيه فريضة الحج الأولى التي عملها، وبالنسبة لحديث:(وشاب نشأ في طاعة الله) هل نقول: إن الإنسان مثلاً لو نشأ في طاعة الله في سن الشباب ثم ارتد ثم رجع هل ينطبق عليه هذا الحديث؟
من المعلوم أن الردة تحبط الأعمال؛ لقول الله تعالى:{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}[الزمر:٦٥] ولقوله تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الأنعام:٨٨] لكن هذا مقيد إذا مات على الكفر؛ لقوله تعالى:{وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[البقرة:٢١٧] فلو ارتد ثم عاد إلى الإسلام فإن أعماله الصالحة السابقة للردة لا تبطل، وكذلك ما له من المزايا والمناقب والفضائل، فالشاب الذي نشأ في طاعة الله، ثم ارتد ثم عاد إلى الإسلام يحصل له ثواب الشاب الذي نشأ في طاعة الله، وكذلك الصحابي لو ارتد ثم عاد إلى الإسلام فإن صحبته لا تبطل، بل هذه المنقبة تبقى له كسائر الأعمال الصالحة.