قال تعالى:{وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى}[النجم:٤٠] هل المراد ثواب السعي يرى في الآخرة عند الجزاء، أو أن السعي نفسه يرى في الدنيا ويعرف؟
أن هذا عام، سوف يرى في الدنيا وسوف يرى في الآخرة؛ الذي يرى في الآخرة هو الثواب، وفي الدنيا هو نفس العمل، ولهذا قال الله تعالى:{وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}[التوبة:١٠٥] يعني: عملكم لن يخفى على من في وقتكم، سيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون.
وبهذه المناسبة أود أن أنبه إلى أن بعض الناس إذا عمل عملاً كمكتبة أو مسجد أو عمارة للفقراء أو ما أشبه ذلك كتب:{وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}[التوبة:١٠٥] وهذا لا يجوز؛ لأن أحد الأطراف الثلاثة لا يمكن أن يراه، من هو؟ الرسول عليه الصلاة والسلام لا يمكن أن يرى هذا العمل، صحيح أن الله عز وجل يرى، والمؤمنون في هذا الوقت يرون، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يرى، ثم هذا في المنافقين وهو تهديدٌ لهم وليس ثناءً عليهم، فعلى كل حال نقول: سعي الإنسان سوف يرى، ولكن قد يستر الله تبارك وتعالى على العبد ذنوبه، فضلاً منه ومنة، وإذا لقاه في الآخرة خلا به سبحانه وتعالى وقرره بذنوبه، وقال:(قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم) لكن في الأصل أن سعي الإنسان سوف يرى: {ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى}[النجم:٤١] أي: بعد أن يرى يجزى عليه (الجزاء الأوفى) أي: الأكمل، والأوفى في الصالح زيادة المثوبة، والأوفى في السيئ العدل بحيث لا يزاد في سيئاته، وعلى هذا فالأوفى يفسر بمعنيين: العدل، والزيادة.
العدل في السيئة: لا يمكن أن يزاد سيئة واحدة، الفضل في الحسنات: الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعفٍ إلى أضعافٍ كثيرة، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم.