للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون)]

قال تعالى: {اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الطور:١٦] اصلوها أي: احترقوا بها، والأمر هنا للإهانة كقوله تعالى: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ * إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ} [الدخان:٤٩-٥٠] فانظر إلى هؤلاء كيف تتهكم فيهم الملائكة وتذلهم وتخزيهم -والعياذ بالله- وتهينهم، {اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ} أي: أن الصبر وعدمه سواء عليكم، ومعنى هذا: أنه لن يفرج عنكم سواء صبرتم أم لم تصبروا، مع أنهم في الدنيا إذا أصيب الإنسان بشيء وصبر فإنه يفرج عنه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً) .

{إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أي: ما تجزون إلا ما عملتموه فلم تظلموا شيئاً.

ثم ذكر الله تعالى جزاء المؤمنين، فقال: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ * فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الطور:١٧-١٩] إلى آخر الآيات، وسيأتي الكلام عليها إن شاء الله مستقبلاً.