تفسير قوله تعالى:(يومئذٍ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى)
يقول الله عزَّ وجلَّ:{يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى}[الفجر:٢٣] أي: إذا جاء الله يوم القيامة وجاءت الملائكة صفوفاً صفوفاً وأحاطوا بالخلق، وحصلت الأهوال والأفزاع حينئذ يتذكر الإنسان يتذكر أنه وُعِد بهذا اليوم، وأنه أُعْلِم به مِن قِبَل الرسل عليهم الصلاة والسلام الذين أنذروا وخوَّفوا؛ ولكن من حقت عليه كلمة العذاب فإنه لا يؤمن ولو جاءته كل آية والعياذ بالله.
حينئذٍ يتذكر؛ لكن يقول الله عزَّ وجلَّ:{وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى}[الفجر:٢٣] أنى تكون له الذكرى في هذا اليوم الذي رأى فيه ما أُخْبِر عنه يقيناً؟ الإيمان عند المشاهدةٍ لا ينفع؛ لأن كل إنسان يؤمن بما شاهد؛ لكن الإيمان النافع هو الإيمان بالغيب:{الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ}[البقرة:٣] ويصدق بما أخبرت به الرسل عن الله عزَّ وجلَّ وعن اليوم الآخر، في ذلك اليوم يتذكر الإنسان، ولكن قال الله عزَّ وجلَّ:{وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى}[الفجر:٢٣] أي: بعيدٌ أن ينتفع بهذه الذكرى التي حصلت منه حين شاهد الحق.