الدعوة إلى الله من أهم الأمور وخاصة إذا كان الإنسان إمام مسجد، أو أن عنده شيئاً من العلم، وكما تعلمون في الأحياء الجديدة، أو أطراف المدن، أو في الهِجَر يجد الإنسان أن بعض الناس لا يأتي إلى المسجد، ومنهم من يقصر في السنة، ومنهم من يقصر في الصلاة، ومنهم من يقصر في أمور كثيرة من أمور الدين، فكيف تكون المعاملة مع هؤلاء إذا دُعِي الإنسان إلى بيت كمثال، يجد أن الأب يأتي إلى المسجد وأبناءه الكبار لا يأتون، أو الأقارب الذين لا بد من الاجتماع بهم في المناسبات لكونهم من الأرحام يجب صلتهم، وهؤلاء بعض أبنائهم لا يأتون إلى المسجد؟! فكيف يكون؟ يعني: هل يستخدم التوبيخ والشدة أو أنه يصبر أو ما السبيل إلى ذلك؟
قال الله عز وجل:{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}[الشعراء:٢١٤] يخاطب النبي عليه الصلاة والسلام، والعشيرة تنقسم إلى قسمين: قسم لك ولاية عليهم مباشِرة، كأولادك وأهلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(الرجل راعٍ في أهله ومسئول عن رعيته) .
وقسم آخر من العشيرة منفصلاً عنه، ولست مسئولاً عنه سؤالاً مباشراً.
فأما الأول فإن مسئوليتك نحوه أبلغ من الثاني، والثاني له عليك مسئولية أبلغ من الأجانب الذين ليس بينك وبينهم قرابة، والجيران أبلغ ممن ليس بجار.
فعليك أن تؤدي لكل إنسان حقه، وأن تكون دعوتك بالحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، وأن تستعمل العنف إذا كان أنفع، واللين إذا كان أنفع، فمن المعلوم -مثلاً- أن دعوة الإنسان لأهله الذين له الولاية المباشرة عليهم ليست كدعوته للأجانب، الأولون قد تستعمل معهم الشدة، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام:(واضربوهم عليها لعشر) لكن الآخرين لا تستعمل الشدة، استعمل الرفق واللين، وكم من كلمة لينة جذبت من كان بعيداً عن الحق، والإنسان العاقل يستعمل ما يرى أنه أصلح، فليس هناك ضابط يستوي فيه الناس كلهم.