بعض الناس إذا خرج إلى البر قصر الصلاة ويقول: إن الصحابة اختلفوا وفَهِمَ من قوله: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ}[النساء:١٠١] قال: تعريفه في اللغة: البروز، والخروج، فمتى ما خرجتُ سوف أقصر الصلاة، ومن أراد أن يمنعني فعليه بالدليل!
لا شك أن الأصل أن الضرب في الأرض يبيح القصر، وأنه لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه حدد ذلك بمسافة معينة أو بزمن معين؛ لكن الرسول ثبت عنه أنه كان يخرج إلى قباء وهو خارج المدينة ومع ذلك لا يقصر.
وعلى هذا فالمرجع إلى ما يتعارفه الناس، إذا قالوا: هذا سفر فهو سفر، فيفرَّق الآن بين المسافة القصيرة مع الزمن القصير، والمسافة الطويلة مع الزمن القصير، والزمن القصير مع المسافة الطويلة، فالأحوال أربع: - إما أن تكون المسافة قصيرة والزمن قصير.
- أو المسافة طويلة والزمن طويل.
- أو المسافة طويلة والزمن قصير.
- أو المسافة قصيرة والزمن طويل.
إذا كانت المسافة قصيرة والزمن قصير فليس بسفر، فلو ذهب إنسان يتمشى إلى ضواحي البلد ويريد أن يرجع في آخر النهار هذا غير مسافر، لا يسمى سفراً لا في اللغة ولا في الشرع، ودليلنا على هذا: أن الرسول كان يخرج إلى قباء وهو منفصل عن المدينة، وفي عهد الرسول بينهما مسافة، ويخرج أيضاً إلى العوالي في المدينة ولا يترخص برخص السفر.
أما لو خرج إلى مسافة قصيرة لكنه يريد أن يبقى فيه مدة طويلة، فهذا مسافر.
ولو سافر إلى بلد بعيد ويريد أن يرجع في يومه كأن يسافر إلى الرياض من القصيم وهو يريد أن يرجع، فهذا مسافر، وذلك لطول المسافة.
فإذا صار طول مسافة أو طول زمن، أو طول مسافة وزمن، فهو مسافر، وإذا كان قصر مسافة مع قصر زمن، فهذا ليس بِمُسافر.