للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر)]

وقال تعالى: {تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ} [القدر:٤] (تنزَّل) أي: تَنْزِلُ شيئاً فشيئاً؛ لأن الملائكة سكان السماوات -والسماوات سبع- تنزل الملائكة إلى الأرض شيئاً فشيئاً حتى تنزل الأرض، ونزول الملائكة في الأرض، عنوانٌ على الرحمة والخير والبركة، ولهذا إذا امتنعت الملائكة من دخول شيء كان ذلك دليلاً على أن هذا المكان التي امتنعت الملائكة من دخوله قد يخلوا من الخير والبركة، كالمكان الذي فيه الصور (فإن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة) يعني: صورة محرمة؛ لأن الصورة إذا كانت ممتهنة في فراش أو وسادة فأكثر العلماء على أنها جائزة، وعلى هذا فلا تمتنع الملائكة من دخول المكان؛ لأنه لو امتنعت لكان ذلك ممنوعاً، فالملائكة تتنزل في ليلة القدر بكثرة ونزولهم خيرٌ وبركة.

وقوله: {بِإِذْنِ رَبِّهِمْ} أي: بأمره، والمراد به الإذن الكوني، لأن إذن الله أي أمره ينقسم إلى قسمين: إذنٌ كوني، وإذنٌ شرعي، فقوله تعالى: {شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى:٢١] أي: ما لم يأذن به شرعاً؛ لأنه قد أذن به قدراً فقد شرع من دون الله لكنه ليس بإذن الله الشرعي، وإذن قدري كما في هذه الآية: {بِإِذْنِ رَبِّهِمْ} أي: بأمره القدري، وقوله: {مِنْ كُلِّ أَمْرٍ} قيل: إن (من) بمعنى الباء أي: بكل أمر مما يأمرهم الله به وهو مبهم لا نعلم ما هو لكننا نقول: إن تنزل الملائكة إلى الأرض عنوان على الخير والرحمة والبركة.