تفسير قوله تعالى:(وكرّه إليكم الكفر والفسوق والعصيان)
قال تعالى:{وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ}[الحجرات:٧] كره إليكم الكفر الذي هو مقابل الإيمان, والفسوق الذي هو مقابل الاستقامة, والعصيان الذي هو مقابل الكمال, وهذا تدرج من الأعلى إلى ما دونه, الكفر أعظم من الفسق, والفسق أعظم من العصيان, فالكفر: هو الخروج من الإسلام بالكلية، وله أسباب معروفة في كتب أهل العلم ذكرها الفقهاء رحمهم الله في باب أحكام المرتد, وأما الفسق فهو دون الكفر ولكنه فعل كبيرة, أن يفعل الإنسان كبيرة من الكبائر ولم يتب منها كالزنا وشرب الخمر والسرقة والقذف وما أشبه ذلك, والعصيان دون هذا والعصيان هو الصغائر التي تكفر بالأعمال الصالحة, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:(الصلوات الخمس, والجمعة إلى الجمعة, ورمضان إلى رمضان, مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر) فالمؤمنون الخلص حبب الله إليهم الإيمان, وزينه في قلوبهم, وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان, نسأل الله أن يجعلنا منهم.
(أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ) أولئك: المشار إليه من حبب الله إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان, (أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ) أي: الذين سلكوا طريق الرشد, والرشد في الأصل حسن التصرف, وهو في كل موضع بحسبه, فالرشد في المال أن يحسن الإنسان التصرف فيه, ولا يبذله في غير فائدة, والرشد في ولاية النكاح مثلاً: هو أن يكون الولي عارفاً بالكفء ومصالح النكاح, والرشد في الدين: هو الاستقامة على دين الله عز وجل, فهؤلاء الذين حبب الله إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان هم الراشدون.