للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء)]

قال الله عز وجل: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} [الحديد:٢١] (ذلك) -أي: ما أعد الله لهؤلاء المؤمنين بالله ورسله- (فضل الله) في أنهم آمنوا بالله، آمنوا برسله، اتبعوا الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أثيبوا بهذه الجنات {فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} اللهم آتنا من فضلك.

قوله: (يؤتيه من يشاء) هل تظنون أن هذه المشيئة مجرد مشيئة؟ لا.

هي مشيئة مقترنة بالحكمة، يعني: من كان أهلاً للفضل آتاه الله الفضل، ومن لم يكن أهلاً له لم يؤته، والدليل قول الله تبارك وتعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام:١٢٤] فلم يجعل رسالته إلا فيمن هو أهل له، وقال الله عز وجل: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف:٥] وقال عز وجل: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ} [المائدة:٤٩] لا تظن أن الله يعطي الفضل من شاء دون سبب، بل لا بد من سبب، فمتى علم الله في قلب الإنسان خيراً -اللهم اجعل قلوبنا ممتلئة بالخير- آتاه الله الخير، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنفال:٧٠] أصلح قلبك فيما بينك وبين الله تجد الخير كله.